بداية الثورة ومظاهرات مدينة الطبقة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:14:19:08
في اليوم التالي في يوم الجمعة في وقت الصلاة، ذهبت إلى جامع الحمزات، كان طلبي عندما طلبوا مني الذهاب، قلت لهم: بشرط ألا يذهب أي عنصر أمن، ولا حتى عنصر شرطة، وقلت لهم: أريد أن أذهب بشكل شخصي لأجل الصلاة، وأنا سأذهب بناءً على طلبكم وأحاول، وأرى إن كان هناك شيء، أنا (عادةً) كنت أصلي في جامع المدينة، في الحي الأول القريب من منزلي، وجامع الحمزات في القرية في مكان بعيد قليلًا، فرت (ذهبت) بسيارتي، وكنت أرتدي الثياب المدنية، ودخلت إلى الجامع، حينها بدأ الناس ينظرون إلي، هم يعرفونني، وأنا أحسست بحركة غير طبيعية، ولم يكن برفقتي أحد أبدًا، أو كان يرافقني معي ضابط برتبة رائد -رحمه الله- توفي، وهو من دير الزور، كنا دائمًا نذهب دائما لأجل الصلاة سويةً، فقلت له: سنذهب لأجل الصلاة في مسجد الحمزات، وذكرت له السبب، فقال: لنذهب، لامشكلة، وأثناء وجودنا في الخطبة، أنا كنت أنظر إلى الناس، والناس ينظرون إلي، وينظرون إلى بعضهم، يوجد شيء غير طبيعي، ثم خرجنا (من المسجد)، فتوقفت قليلًا عند الباب، فجاء الناس، وبدأوا يلقون التحية علي، وأنا كنت أنتظر، وهم ينظرون، ولكن يوجد شيء غير طبيعي، ولكن لم يخرج أحد، وانتظروا ووقف الشباب ينتظرون، وأنا انتظرت تقريبًا نصف ساعة، ثم ركبت سيارتي وعدت، ولم تخرج مظاهرة، عندما عدت كانت اللجنة الأمنية تنتظرني في مكانٍ ما، -لا أذكر بالضبط-، كانوا مرتاحين لأنه لم تخرج مظاهرة، وسألوني: ماذا حصل؟ فقلت لهم: لا، يوجد شيء غير طبيعي أبدًا.
في اليوم التالي في يوم السبت، كنت موجودًا في المكتب، وجاء إلي صديق من المنطقة من عشيرة الناصر -اسمه أبو غانم-، كنت لوحدي في المكتب، فقال: أريد أن أسألك سؤالًا: لماذا صليت عندنا؟ فقلت له: ما هي المشكلة؟ فقال: بصراحة الشباب كانوا ينوون الخروج في مظاهرة، ولكن خجلهم منك منعهم، فقلت له: هل القصة تتطلب الخجل؟ ونحن نضحك، لماذا لا يخرجون؟ ولا يوجد مشكلة، ولكن يجب عليكم الانتباه، وقلت له: لا يوجد أمن أو غيره، ولكن لا تؤذوا (لا تخرّبوا)، وقلت له: اخرجوا الأسبوع القادم، وطبعًا هذا الكلام سري بيني وبينه.
[هنا] بدأت حمص وبابا عمرو بالذات واشتعلت [بالمظاهرا]، وبدأت الاعتقالات والقتل وإطلاق النار، وأنا أصبحت أريد أن تخرج كل الدنيا، لأنها بلدي ومسقط رأسي، وأبناء أعمامي وأبناء أخوالي وأصدقائي وأولاد حارتي وبلدي، منهم من اعتُقل، ومنهم من خرج (بمظاهرات)، فكنت أريد أن تخرج الدنيا كلها، وكل سورية تخرج، لذلك أنا كنت أقول له [أن يخرجوا مظاهرات]، وبعد ذلك تم اتهامي، وتم التحقيق معي لاحقًا، وقالوا لي: أنت كنت تقوم بإخراج المظاهرات، وأنت من يوقفها.
الأمن كانوا مرتاحين جدًا، لأنه لم تخرج مظاهرة، وأنا كنت منزعجًا لأنني كنت السبب في عدم خروجها، بسبب وجودي في المسجد، وفي الأسبوع الثاني يوم الخميس أكد الأمن -جميعهم- مجددًا، أنه غدًا ستخرج مظاهرة، حتى لو ذهبت أنت، وسألوني: ما هو رأيك؟ فقلت لهم: كما تريدون، وأنا لا مشكلة، كنت سعيدًا بهذ الكلام، وأنا كنت أعرف أنهم (السكان) سوف يخرجون بناءً على كلامي -أنا وأبو غانم-، فقالوا لي (الأمن): نتمنى أن تذهب مجددًا، فقلت لهم: سأذهب، ولكن بنفس الشرط؛ وهو ألا يذهب معي أحد من عناصر الأمن والشرطة، قالوا: [نحن] موافقون، وسنجلس في المكاتب، [سألوني] وأنت ألا تخاف على نفسك؟ فقلت لهم: أنا لست بخائف على نفسي لا يوجد عندي مشكلة مع الناس، فذهبت وصليت، فكانت الحركة واضحةً أنهم سيخرجون من المسجد، ومباشرةً عندما انتهى الإمام من الصلاة، خرج صوت: "الله أكبر"، وهو شعور لا أستطيع أن أوصفه الآن.
جميعهم صاحوا: "الله أكبر"، ولكن خرجت مجموعة، ولم يخرج الجميع، وبالطبع بدأ الناس يخرجون، ولكن الذين بقوا يهتفون كان عددهم قليلًا، خرجت خلف الناس، وهم ابتعدوا عن المسجد حوالي 30 مترًا باتجاه الشارع الرئيسي، وبدأوا ينادون: "الله أكبر"، ثم "بالروح بالدم نفديك يا درعا"، و"بالروح بالدم نفديك يا حمص"، هنا أحسست أن الزمن توقف، والدنيا كلها توقفت، وحتى الأهالي كانوا في حالة غريبة، وأنا كنت أقف، وأراقب مع الناس، وبقي الشباب تقريبًا ربع ساعة يهتفون، فيما بعد خفت من الأمن، لأنه لا يوجد لهم إلًا ولا ذمة -ليس لهم عهد-، بدأت أراقب وأنا خائف من أن يأتي الأمن، ويبدؤوا بالضرب، لأن عدد المتظاهرين كان قليلًا؛ يعني كان موجودًا تقريبًا 25 أو 30 شخصًا في البداية، ممكن أن يطلقوا النار عليهم، وطبعًا كان يوجد 25 أو 30 متظاهرًا، يوجد حولهم أضعاف العدد، وجميعهم من أهلهم وأقربائهم؛ يعني من نفس العشائر، وكأن هؤلاء فدائيون (متقدمي الصفوف)، فإذا حصل شيء يكون الباقي بعيدين عنهم.
أنا كنت موجودًا، وأراقب لمدة 20 دقيقةً تقريبًا، وبعدها ذهبت إليهم، ووقفت بينهم، وناديت: يا شباب يا شباب، فسكتوا، فقلت لهم: يكفي (إلى هذا الحد)، لأنني خفت عليهم، فقالوا: يا عمي أبا خلدون، نحن نريد أن نصرخ ونتكلم، فقلت لهم: لقد صرختم، وهذا يكفي، فقالوا: نحتاج إلى 5 دقائق أخرى، بقوا تقريبًا ربع ساعة أخرى، وبعدها أشرت لهم بأنه يكفي. وطبعًا لم يكن يوجد أي اتفاق بيني وبينهم، ولكنهم كانوا يفهمون علي، وأفهم عليهم، وقالوا: سنذهب الآن، ولكننا سنخرج في الجمعة القادمة، فقلت لهم: أنتم أحرار، ولكن أريد منكم ألا تؤذوا أو تفعلوا شيئًا في الشوارع، أو مع أي شخص أبدًا، وقالوا: سنعدك بشرط ألا يأتي أحد (من الأمن)، فقلت: لن يأتي أحد، وأنا موجود، وانتهت القصة، وذهبت إلى اجتماع اللجنة الأمنية، وكانوا مرتاحين قليلًا، ولكن بنفس الوقت هم خائفون، يعني هم مرتاحون أن المظاهرة قد انتهت.
أنا ذهبت إلى المسجد بناءً على اتفاق، ويعرفون أنني رجل شعبي بين الناس، ولا توجد عندي مشكلة، كنت أتصرف لوحدي، وأنا أعزل (لا أحمل سلاحًا)، وليس معي أحد، لذلك أتصرف بالحسنى، أنا لم أكن أريد أن تحصل مشكلات، فأريدهم أن يخرجوا، ولكن بدون أن يقترب الأمن، وقلت لهم: حصل كذا وكذا، والجماعة التزموا معي، وقلت لهم: لا أريد أذية، ولا أريد مشكلات، ولا أريد من أحد أن يحمل سكينًا، وفي البداية لم يكونوا (المتظاهرون) يتكلمون عن بشار [الأسد]، وحتى بقية المحافظات في البداية لا يتكلمون عن بشار، ولكن بعدها بدأ يتم [رفع شعار] إسقاط النظام، وفي البداية كان يوجد شعار "بالروح بالدم نفديك يا درعا" و"بالروح بالدم نفديك يا حمص، يا بانياس" وبعدها بدأوا بإسقاط النظام، ويشتمون، وكانوا ينادون: "حرية حرية" و"اللي ما بيشارك ما فيه ناموس" (لا نخوة عنده)، و"الشعب السوري ما بينذل (لا يقبل الذل)"، و"الجيش والشعب يد واحدة"، وكانت تعجبني هذه الشعارات، التي لا يوجد فيها عدوانية، وأننا نحن لسنا ضد الدولة، ولسنا ضد الجيش، ونحن نريد إسقاط النظام، وهذه الرسائل بالهتافات، وكانت الهتافات جيدةً جدًا، ولكن عندما بدأت الاعتقالات والقتل، بدأوا يتكلمون عن بشار الأسد.
هم أعجبتهم الفكرة (الأمن)؛ ألا يحصل أي مشكلات، وإن خرجوا وهتفوا (المتظاهرون)، وخاصة أنها بدأت تشتعل المظاهرات في كل سورية، وهم كانوا يتناقشون، وأنا كنت صامتًا، وأسمع إلى أين سيصلون، وأنا أقول لهم: أنا معكم بما تريدون، ولكنني لا أقترب من موضوع الدم والقتل، أنا رجل تحت القانون، ونحن الشرطة بشكل عام نختلف عن المخابرات التي تتجاوز القانون.
في البدايات لم يتكلموا عن القتل والقمع أبدًا، ولا يجرؤون أصلًا، وكل أسبوع كان هذا الأمر يتكرر، وبعد أسبوعين أو 3 بصراحة أنا لعبت لعبة، وأنا كنت أقول لهم (للأمن): إنني ألاحظ أنه يوجد أشخاص، أشعر أنهم مسلحون حول المظاهرة، وليسوا في المظاهرة، وهم موجودون بين الشوارع، وأنا كنت أريد إخافتهم، أنا أعرف كيف أتعامل معهم، وكيف يفكرون، فكنت أقول لهم: إنه يوجد شيء اسمه سلاح (حول المظاهرات)، ولكن في الحقيقة لم يكن يوجد سلاح نهائيًا، [قلت ذلك] لأنني لا أريد للأمن أن يقترب (من المظاهرات)، لأنه أصبح يوجد طرح باتجاه اقتحام الأمن بالقوة، وبهذا الطرح سيستخدمون السلاح، فبدأت أوحي لهم أنه يوجد شيء مسلح، أنا لم أرى شيء بعيني، ولكنني أحس أنه تحت الثياب؛ يوجد سلاح لدى الناس الموجودين بين الشوارع، وليس في المظاهرة.
جاءت أوامر: أن خففوا عن الناس، ليس في المظاهرات، وإنما في كل شيء، لا داعي لمخالفة السيارات، لأجل إرضاء الناس، ولا يريدون إزعاج الناس، أنا لا يوجد عندي مخالفات (بناء في منطقتي)، ولكن أعرف في حلب وغيرها، بدأ الناس بالبناء المخالف، وهذا الشيء خطأ طبعًا، بالنسبة لنا مخالفات المرور انتهت نهائيًا، وليس هناك شيء اسمه مخفر مرور، وجاءت تعليمات من إدارة المرور بإيقاف المخالفات بشكل تام، فقلنا لهم: لاتخالفوا أحدًا، ولكن إذا سابت أمور المرور (خرجت عن السيطرة) فهذه مشكلة، فكنا نوعي الناس؛ يعني إذا كان يوجد مظاهرات، فهذا لا يعني أن الأمور تصبح سائبة (خارجةً عن السيطرة).
في البدايات لم يتم اعتقال الشباب أبدًا؛ حتى المشاركين (في المظاهرات)، أنا بعدها أصبحت أطلب من المتظاهرين، أو ليس منهم مباشرةً، بل كنت أطلب من الناس الذين يحركونهم؛ مثل أبي غانم وغيره أن عليكم أن تتلثموا، لأنني دخلت إلى مكتب رئيس المخابرات الجوية بالصدفة، وأنا كنت أدخل بدون أن يخبروا (رئيس المخابرات الجوية) أن فلانًا سوف يأتي، لأنه يوجد اجتماعات ولقاءات دائمة، فدخلت ووجدت شخصًا من المتظاهرين وعرفته، وفضحته أمام الجميع، وهو كان يشاهد تصوير فيديو، ويقول: هذا فلان وفلان، وعندما دخلت كان يشير له إلى الأسماء، فتفاجئوا بقدومي إلى المكتب، بعدها أصدر العميد تعليمات بعدم إيقافي عندما أدخل، وإنما يجب أن يخبروه بقدومي، وهو قد شك بي، وعرف (أنني سأخبر المتظاهرين)، لأنه في الأسبوع اللاحق بدأت الناس تتلثم، فحسبها (ربط الأمور ببعضها)، ووقع في شك، وليس يقينًا، لأنه في بقية المظاهرات في المحافظات الأخرى، أيضًا بدأ الناس يخرجون ملثمين، ولكن في المدن الكبيرة لا يخرجون ملثمين.
في المظاهرة التالية بدأوا يخرجون ملثمين، ويغطون وجوههم، وطبعًا فضحت هذا الشخص، وهو من نفس العشيرة الثائرة؛ التي هي عشيرة الناصر، وإخوته من الثائرين الأوائل وإلى الآن (هم مع الثورة)، وأنا قلت لهم: أخوكم كذا وكذا، وكانوا يريدون قتله، ولكن كان يوجد مشكلة لأنه أخوهم (لارتباط الدم).
أنا استمريت على هذا الشكل لفترة أشهر.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/08/24
الموضوع الرئیس
الحراك السلميكود الشهادة
SMI/OH/8-08/
رقم المقطع
08
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
أمني
المجال الزمني
آذار/ مارس 2011
المنطقة الجغرافية
محافظة الرقة-منطقة الطبقةمحافظة الرقة-مدينة الطبقةشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية