الأثر السياسي المكتسب بعد المشاركة في الاعتصام الطلابي في جامعة اليرموك
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:16:00:24
بسبب التأزم الذي حصل بيننا وبين إدارة الجامعة -طبعًا- رفضوا كل شيء، يعني لم يعطونا أي مطلب من مطالبنا، وأنكم لا تعرفون ما تطلبون وهذا لمصلحتكم. وتأزمت الأمور وأصبحنا نجري مثل اعتصامات، وهنا بدأ الموضوع يأخذ منحى آخر. ونحن بدأنا نتحمس كشباب أنه يوجد لدينا مطالب، ونريد الحصول عليها، وهذه المطالب محقة والجامعة لا تسمعنا فنقوم باعتصامات. والذي دخل على الخط بطبيعة الحال في مثل هكذا أمور هم المتحزبون الذين يستطيعون التنظيم والترتيب، وعلى اعتبار أن اليرموك كما ذكرت قبل قليل يوجد فيه الكثير من الذين جاؤوا من الضفة والقطاع وهم منتسبون إلى تنظيمات فكان موضوع التنظيم سهلاً عليهم، وبدأنا نرتب للقضايا التي لها علاقة بالاعتصامات، وكانت تحصل اعتصامات يومية، ولكن أثناء الدوام، وتتصاعد بمعنى أن العدد كان يزيد، يعني كل شخص يحاول إحضار جماعته وكل شخص يحاول إحضار رفاقه إلى مثل هكذا اعتصام.
وجاءت فترة أصبح رجال الأمن على بوابات الجامعة يفحصون الهويات الجامعية لأنه كانت بعض الأسماء مطلوبة، وفيما بعد كان هناك كلام أنه يجب أن نذهب باتجاه اعتصام متواصل ومفتوح بمعنى أنه [سيكون] ليلاً ونهاراً، وفي اليوم الذي كان يجب أن يحصل فيه هذا الأمر، جئت إلى الجامعة، ونظروا إلى هويتي وفحصوها، ويبدو أن اسمي كان من ضمن المطلوبين، وتم اعتقالي عند باب الجامعة، وأخذوني إلى فرع الأمن الأردني، وطبعاً بعد الحديث والسؤال السريع تفاجؤوا أنني سوري، وقالوا: أنت سوري ما هي علاقتك بالذي يحصل؟ والحقيقة تعاملوا بطريقة مختلفة عن الطريقة التي يتعاملون بها مع الأردنيين مع أنه بشكل عام الطريقة لم تكن تقارن على الإطلاق بالطريقة التي يتعامل فيها الأمن السوري، ولكن لأنني سوري كان يوجد تعامل خاص، بمعنى أنه أنت لست أردنياً، وأطلقوا سراحي في نفس اليوم، وعندما أطلقوا سراحي عدت إلى الجامعة، ودخلت لأنني أعرف بسبب الترتيبات أن الليلة سوف يكون هناك اعتصام مفتوح متواصل.
ورجعنا إلى الجامعة وفعلاً في الساحة وسط الجامعة (ساحة خاصة) أمام كلية العلوم وقريبًا من دائرة علوم الأرض التي هي دائرتي، كانت هناك ساحة صغيرة وكان يجتمع فيها عدد كبير من الطلاب والطالبات في ذلك الوقت، واليرموك معروفة الآن أيضاً على اعتبار أنه يأتي إليها طلاب من خارج المدينة ومن خارج الأردن، وتوجد أيضًا نسبة كبيرة من الطالبات، وكان لهن سكن خاص، يعني مرتبط بالجامعة، وهو معروف أنه سكن الطالبات، ولم يكن هناك سكن للطلاب، كان هناك فقط بنايات كبيرة لسكن الطالبات.
في هذا الاعتصام، نحن كنا نشعر بالنشوة؛ لأن هذا الشيء أول مرة نفعله ولأول مرة نمارس حقنا بأن نطالب بشيء ونقوم باعتصامات، ولكن لم نكن مدركين إلى أين سوف يصل في النهاية، ولكن الاعتصام المفتوح سبب مشكلة بالنسبة للسلطات في ذلك الوقت، وبدأ أهالي الناس في أربد والقرى المحيطة فيها لأن إربد مدينة ليست كبيرة جداً، ولكنها كبيرة في البلدات والقرى المحيطة بها، بدؤوا يأتون إلى الجامعة لأن أولادهم موجودون في الداخل، ويبدو لي أنه في ذلك اليوم اتُخذ القرار بفك الاعتصام بشكل مباشر، وفعلاً كنا جالسين بين الساعة الواحدة والثانية صباحًا، وكان في ذلك الوقت الاعتصام هو عبارة عن منصة لإلقاء الخطب والقصائد والأمور التي لها علاقة بالحقوق والأمور الوطنية بمعنى أن الاعتصام أصبح فرصة أيضًا حتى يعبر الناس عن أفكارهم وآرائهم ومن لديه قدرة خطابية ظهر في تلك الأيام.
اتُخذ قرار التدخل المباشر، وحصل هجوم على المنطقة التي كنا موجودين فيها، وكان البعض منا لديه في مخيلته البسيطة أن لدينا القدرة على مقاومة هذا الشيء. وطبعًا هنا نحن نتكلم عن مواجهة ناس محترفين، طبعًا لم يكن يوجد سلاح بمعنى السلاح الناري، ولكن كانت هراوات والتي تستخدم ضد المعتصمين المدنيين، ولكن لأنه كان يوجد عدد كبير من الطلاب والطالبات فالهجوم حصل من جميع الجهات، والناس اجتمعوا حول بعضهم، وهذا تسبب في سقوط الناس بين الأقدام.
طبعًا فيما بعد بدأ الناس يفلتون من الطوق الذي حصل والبعض يعتقل والبعض يعتقل بعد مسافة أو فترة من الركض والمشي و يوجد البعض منهم وخاصة من الطالبات وصلوا إلى بنائهم، وهنا أنا أذكر أن الطالبات سمحن للطلاب بالدخول إليهن كلاجئين عندهن وقسم كبير من الذين نجوا من ذلك الاعتصام في تلك الليلة كان بسبب أن الطالبات سمحن لهم بالدخول إلى سكنهن، وقاموا بحمايتهم، وكان جزء لا بأس به من قادة الاعتصام في ذلك الوقت، ونحن كنا في طرف ثان، لم يكن عندنا هذا الخيار؛ لأنه يوجد أشخاص في جهة معينة هم الذين استطاعوا الوصول قبلنا.
الحقيقة كانت تجربة غير سهلة أبدًا على الرغم من أنها كانت في منتهى العفوية ومنتهى الحماس لهذا الشيء، وكنا ننظر إلى بعضنا ونتعامل بطريقة، وكأننا فعلنا شيئًا ممتازاً جدًا، وأن هذا الشيء سوف يكون له أثر جيد.
بسبب هذا الذي حصل-للأسف- توفي ثلاثة طلاب (طالب وطالبتان)، وهذا كان له تأثير محزن جدًا على جميع الحركة الطلابية والجامعة. وفي هذا الوقت بسبب هذا الذي حصل تدخل الملك حسين (الحسين بن طلال) - رحمه الله- في هذا الموضوع، وطلب إجازة لمدة أسبوع من الجامعة؛ لأننا كنا في وقتها في فترة الامتحانات النهائية، وفيما بعد نحن سمينا هذه الساحة بساحة الشهداء على اعتبار أن الذين سقطوا في فك الاعتصام، وعندما عدنا بعد أسبوع ذهبنا إلى تلك المنطقة أولًا، و اجتمعنا بها كشيء رمزي، وأنا أذكر الأشخاص الذين استشهدوا أو جرحوا، وفي تلك الليلة أيضًا تم اعتقالي مرة ثانية من قبل الأمن، [وقالوا]: في المرة الأولى تركناك، ولكن ماذا عن هذه المرة؟! ما هو السبب؟! وأنت سوري وما علاقتك في هذه الأمور؟! وبقيت يومًا ونصف قيد الاعتقال، ثم أخرجوا الغالبية، وكان لها أثر بما يتعلق بنا تحديدًا حيث كنا رؤساء الجمعيات الطلابية، شخص واحد فقط من قادة الاعتصام تم فصله من الجامعة والذي كان قائد الاعتصام في ذلك الوقت، ونحن الباقون أعطونا إنذارات نهائية، وهذه الإنذارات بمعنى أنه أي شيء آخر سوف تقومون به سوف يتم فصلنا بشكل نهائي من الجامعة، وأعطونا كل المطالب التي كنا نطالب بها، و بسبب الذي حصل أيضًا فإن الدكتور عدنان بدران سُرّح من إدارة الجامعة، يعني كانت بالنسبة لنا مرحلة مهمة في حياتنا، وبالنسبة لي كانت شيئًا مهماً؛ لأنني للمرة الأولى أمارس شيئًا اسمه مقاومة سلمية، يعني شيء اسمه أنا أطالب بحقي ولا أُعطى هذا الحق، فأحاول الحصول عليه وأدفع ثمناً بهذا الشيء، ولكن في النهاية استطعت الحصول عليه، ولكن عبر الأساليب السلمية والمقاومة السلمية.
بطبيعة الحال عندما حصل الاعتقال أنا للحظات بدأت أفكر أنه ربما يحصل نفس التعامل الذي كان في سورية، وكان يوجد خوف شديد عند الشخص بسبب هذا الوضع، ولكن كان مختلفًا تمامًا. وبشكل عام كل شيء كان يحصل كنت أذكر إسقاطاته على سورية، فلو كان هذا الشيء يحصل عندنا في مضايا أو في ثانوية بور سعيد في دمشق كيف سوف تكون النتيجة؟ وأنا رأيت بعيني كيف كانوا يتعاملون.
حتى أكون موضوعياً أنا لم أكن شاهدًا كثيرًا على المقاومة السلمية في سورية في ذلك الوقت مع أنه معروف أن النقابات قامت بعمل كبير في تلك الفترة، ولكننا كنا صغارًا على إدراك هذه الأمور، ولكن هنا في الجامعة نحن مدركون تمامًا ماذا نفعل ومدركون معنى المقاومة السلمية، ودفعنا الثمن، ولكن حصلنا على ما نريد، وجميع الطلاب الذين جاؤوا بعدنا اعترفوا بهذا الفضل؛ لأننا قدمنا لهم بعض المكاسب على المستوى الأكاديمي والإداري لا يستطيعون الحصول عليها بسهولة.
هذا الشيء ترك انطباعًا في نفسي، وأستطيع أن أقول: إن ذلك الجيل- إن صح التعبير- الجيل الذي دخل 1984 وتخرج عام 1988 من الجامعة سواء من جامعة اليرموك أو الجامعة الأردنية أنا أدعي أنه كان جيلًا مميزًا؛ لأنه يوجد الكثير من الطلاب في ذلك الوقت فعلًا بعد أن تخرجوا ذهبوا إلى أماكن مهمة سواء على مستوى الأحزاب أو على مستوى الدولة أو على مستوى الحركات السياسية، كانت لهم بصمة ليست سهلة، وحتى أشخاص لهم علاقة فيما بعد بالجزيرة (قناة الجزيرة) والمنابر الإعلامية المهمة التي أثرت على الرأي العام- طبعًا- بعد ذلك بسنوات، ولكن هذه الفترة كانت أساسية في تشكيل أحدنا من الناحية السياسية والتنظيمية ومن ناحية المقاومة السلمية. وتخرجت في عام 1988، وكانت أسرتي (الوالد والوالدة) قد سافرا إلى بريطانيا، وأنا التحقت بهما، ودرست هناك الماجستير.
لم يكن عندي جواز سفر، وكنت أحصل عليه عن طريق بعض المعارضة السورية، كانت لديهم إمكانية للحصول على هذا الجواز، إما أن يحصلوا عليه من أماكن النظام أو يصنعون جوازًا شبيهاً به، ولكن أنا مدرك تمامًا أنه يوجد بعض الأشخاص مثلي بقوا لمدة 25 سنة بدون جواز سفر، طبعًا بمعنى بدون جواز سفر رسمي من قبل النظام، ولكن جواز السفر الذي كنا نستخرجه -جواز السفر هذا- كانت معظم الدول العربية تغض الطرف عنه لأنها تعرف المشكلة.
بطبيعة الحال كانت هي فرصة للذهاب إلى بريطانيا وإكمال الدراسة وهناك فرصة للعمل، ولكنها أيضًا كانت غصة بالقلب أن الشخص يبتعد أكثر عن سورية ومضايا، وكأنه قد بدأت تصبح عند الشخص منا ملامح أو قناعة أن موضوع العودة صعب، وخاصة أن النظام بعد أن تمكن بعد عام 1982 أمسك الدولة والمجتمع بطريقة غير معهودة سابقًا، بحيث أنه أغلق عليهم كل شيء، ووضعهم في سجن كبير، وهذا السجن كان اسمه سورية، والناس كانوا يظنون أنفسهم أنهم ليسوا في السجن، ولكن الحقيقة هم كانوا في سجن فظيع تُطبق عليهم كل أحكام السجن في ذلك الوقت.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/01/25
الموضوع الرئیس
النشاط قبل الثورةكود الشهادة
SMI/OH/129-9/
رقم المقطع
9
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
قبل الثورة
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-مضاياشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية