مظاهرات حماة المليونية في الذاكرة السورية
كانت مظاهرة حماة الأولى في الثورة السورية يوم "جمعة العزة" 25 آذار/ مارس 2011، وقتل النظام أول المتظاهرين في "الجمعة العظيمة" 22 نيسان/ أبريل 2011، ولكن النقطة الفاصلة كانت مجزرة "جمعة أطفال الحرية" 3 حزيران/ يونيو 2011، قتلت قوات النظام في هذه المظاهرة ما لا يقل عن 63 متظاهراً، ودخلت المدينة في غضب شعبي وإضراب عام ومظاهرات يومية واسعة الانتشار.
بدأت مظاهرات حماة الكبرى منذ "جمعة العشائر" 10 حزيران/ يونيو 2011، بعد إعلان النظام إحالة رئيس فرع الأمن العسكري بحماة العميد محمد مفلح إلى التحقيق، وإجراءات التهدئة وسحب المظاهر العسكرية من المدينة بناء على طلب محافظ حماة أحمد عبد العزيز.
زادت أعداد المتظاهرين في هذه الجمعة وما بعدها، مع وصول وفود المتظاهرين من بلدات المحافظة إلى المدينة، وانحسار القمع الأمني، وانتشار الثوار في حواجز داخل المدينة وفي محيطها. أصبحت حماة مركز الحراك الثوري بعد اقتحام مدينة درعا في 25 نيسان/ أبريل 2011، ونسّق قادة المظاهرات لتكون ساحة المحافظة في حماة نموذج ميدان التحرير السوري، وحمل المتظاهرون أضخم الأعلام السورية على امتداد مئات الأمتار، وبرز في هذه المظاهرات صوت عبد الرحمن فرهود، الذي أخذ لقب "القاشوش"، وأشيع خطأ خبر مقتله وقتها.
أولى المظاهرات التي آُطلق عليها "مظاهرة مليونية" في حماة كانت مظاهرة "جمعة إرحل" 1 تموز/ يوليو 2012، ولو لم تصل الأعداد الدقيقة إلى مليون متظاهر فيها، ولكنها كانت الأضخم في ذلك الوقت، وأقال بشار الأسد في اليوم التالي محافظ حماة، وبدأ تهديد المتظاهرين بالاقتحام العسكري وجمع أرتال في محيط المدينة، ولكن استمرت "المليونيات" في "جمعة لا للحوار" 8 تموز/ يوليو 2011، حين حضر السفيران الأمريكي والفرنسي إلى المظاهرة، ثم "جمعة أسرى الحرية" 15 تموز/ يوليو 2011، و"جمعة أحفاد خالد" 22 تموز/ يوليو 2011، وكان آخرها "جمعة صمتكم يقتلنا" 29 تموز/ يوليو 2011.
تحققت نبوءة اسم الجمعة الأخير، فبعد يومين اجتاح جيش النظام مدينة حماة بالدبابات مرتكباً مجزرة، وقضى على نموذج التمركز في ساحات المدن، وعلى شعبية الحراك السلمي نفسه وسيلةً للتغيير، فاتجهت الثورة السورية أكثر نحو الحراك المتجزئ في أطراف المدينة نفسها، أو المدن والبلدات خارج المركز، كما اتجه المتظاهرون أكثر نحو السلاح بعد الحلّ العسكري.
تحدّث للذاكرة السورية شهود وناشطون من مدينة حماة عن أسابيع العصيان المدني والمظاهرات الكبرى، بينهم كمال النائب وعبد الحميد الشحنة وعبد الله الموسى، نعرض مختارات من شهاداتهم.