الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مدينة داريا تاريخيًا وأهم الأحداث التي مرت بها قبل الثورة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:25:10:16

اسمي إبراهيم خولاني من مدينة داريا ومن مواليد عام 1986، درست اللغة العربية في جامعة تشرين ثم في جامعة البعث في مدينة حمص، عملت في مجال تعليم اللغة العربية لطلاب المرحلة الإعدادية والثانوية لمدة 5 سنوات.

مدينة داريا تبعد عن مدينة دمشق مسافة 6 كم تقريبًا، وتوجد في المدينة كثافة سكانية جيدة وعدد سكانها 250 ألف نسمة، جزء منهم من خارج مدينة داريا من مدينة دمشق أو من المناطق المحيطة، في مرحلة التسعينات أصبحت هناك هجرة باتجاه مدينة داريا والإحصائيات في مكتب بلدية المدينة تقول: إن 100 ألف إنسان هم من أهل مدينة داريا الأصليين و150 ألفًا من خارج مدينة داريا.

كان سكان هذه المدينة يعملون بالزراعة سابقًا، ثم في مرحلة الثمانينات والتسعينات أصبحوا يعملون في المصالح والمهن، مثل: صناعة الموبيليا (أثاث المنزل) ومهن أخرى متعلقة بالبناء بشكل عام، نوعًا ما شباب مدينة داريا... المستوى الثقافي في المدينة متدنٍّ؛ لأن التعليم كان سيّئًا في المدارس، وجزء كبير من أبناء مدينة داريا تركوا المدارس وهم أشخاص أمّيون لا يعرفون القراءة والكتابة، وفي الجانب الآخر وفي نفس المدينة توجد مجموعة من المثقفين وهم كثر، وهم طلاب جوامع، ثم أصبحوا أساتذة ومهندسين ومحامين، ولكن الغالبية أشخاص يعملون في الصناعة وليست لديهم شهادات. 

مدينة داريا خلال العقود الماضية الأخيرة لم يكن فيها حراك سياسي، بمعنى أنه لم يكن فيها أحزاب، أضف إلى ذلك أن منظمات المجتمع المدني في كل سورية كانت مغيّبة، وكان هناك نشاط آخر وكان مسموحًا به من قبل نظام الأسد وهو النشاط الديني، ويكون تحت أعين المخابرات، وكانت هناك تيارات معروفة؛ تيار محسوب على "جامع أبو النور" والذي كان محسوبًا على كفتارو (أحمد كفتارو مفتي الجمهورية)، وهو تيار صوفي طبعًا، وتوجد تيارات أخرى محسوبة على جماعة [مسجد] زيد؛ أسامة الرفاعي وعبد الكريم الرفاعي والدهم، ولكن كان التيار الصوفي المدعوم أو المحسوب على جماعة كفتارو يأخذ أريحية في العمل من معسكرات وأنشطة وأوقات طويلة في الدوام في المسجد وتعليم الرياضيات والفيزياء والكيمياء، يعني المواد الدراسية المطلوبة من الطلاب في المدارس، في عام 1989 كان موجودًا هذا التيار المحسوب على "جامع أبو النور"، وفي الوقت نفسه في عام 1989 أو 9019 ظهر تيار جديد في المدينة يُعتبر تيارًا تنويريًا، كان المؤسس لهذا التيار الشيخ عبد الأكرم السقا-أنا أتحدث عن البداية- كان عبد الأكرم السقا هو المؤسس لهذا التيار، وكان يركّز على ضرورة أن يقرأ الطالب أو المثقف كل شيء، ويأخذ منها ما يناسب قناعته ولا تُملى عليه أي فكرة بطريقة الإملاء أو الإلقاء، وكان يركّز على أن الإنسان يجب أن يأخذ حريته بالتعبير عن أفكاره وقناعته، ويدعو إلى التجديد، واجتمع حوله [الشباب]، وكان في "معهد الأسد لتحفيظ القرآن" وكان يمارس نشاطاته تحت هذا المسمى، فكانت عنده طبقة جيدة من المثقفين ومن القارئين ومن طلاب المدارس الذين أصبحوا في مرحلة لاحقة أساتذة ومهندسين وأطباء، وظهر هذا التيار في فترة التسعينات تقريبًا، ففي عام 9519 أو 1996 حدث لقاء بينه وبين جودت سعيد، وجودت سعيد معروف بأنه مفكر سوري يدعو إلى اللاعنف وهو تنويري أيضًا، كان يأتي ليعطي محاضرات في "جامع أنس" وفي الحديقة القريبة من جامع أنس أيضًا، وهذه اللقاءات كانت في كثير من الأحيان غير مرخصة فكانت عليها إشارات استفهام من قبل المخابرات، وكان هناك تخوف من الأهالي بأن تقام لقاءات خارجة عن المألوف؛ لأنه عادة عندما يأتي الشيخ يكون معيّنًا من وزارة الأوقاف، ويعطي درسًا تقليديًا، ويكون الدرس مرخّصًا ومسموحًا به من وزارة الأوقاف والمخابرات، ولاسيما المخابرات الجوية التي كانت قد استلمت ملف داريا.

لقاءات جودت سعيد كانت في المدينة ومختلفة عن اللقاءات الأخرى التي تحدث مع التقليديين وفيها حوار ونقاش وفيها طرح لمواضيع غير مألوفة لدى الناس، يعني عادة يتكلم [الشيخ] عن الصيام والطهارة والصلاة بينما كان جودت سعيد يتكلم عن قراءة معاصرة للنص الديني، ويدعو إلى اللاعنف وهو معروف عنه هذا التوجه، في ذلك الوقت أصبح هناك حراك ضد هذا التيار التنويري من قبل جماعات دينية أخرى؛ جماعات سلفية وجماعات أخرى، مثلًا: التيار المحسوب على "جامع أبو النور" كانت تدور نقاشات بين تيار عبد الأكرم السقا وتيار جامع أبو النور وكفتارو، وهذه النقاشات كانت مناظرات حول أطروحات أو بعض المفاهيم المختَلَف عليها مثل قضية الشفاعة ودخول المرأة الحائض [إلى المسجد]، يعني هذه المواضيع إذا تكلمنا عنها الآن فإنها تُعدّ مواضيع عادية، ولكنها في ذلك الوقت كانت موضوع خلاف كبير، مثل: دخول المرأة الحائض إلى المسجد، أو قضية الاختلاط والمصافحة وسماع الموسيقى، أو قضية السينما وما إلى ذلك، فكانت هناك بعض النقاط المشتركة بين هذين التيارين، ولكنها نقاط قليلة جدًا، والنقاط الخلافية كانت أكبر وأوسع.

في فترة العام 2000 مات حافظ الأسد وطلاب الجامع أصحاب التيار التنويري والذين هم طلاب عبد الأكرم السقا كانوا يحاولون إرسال رسالة إلى خطباء المساجد ألا يقوموا بالدعاء للرئيس في خطب الجمعة، فلم يسمع أحد كلامهم، ولم يوافقوا على ذلك، ولم يقم أحد بذلك، ولكن أصبحوا ظاهرين بأنهم ضد النظام، ولكن ليس إسقاط النظام، يعني يدعون للتغيير والإصلاح والتعليم والتثقيف حتى تأخذ منظمات المجتمع المدني دورها، وهذا كان اتجاههم، وهذا كان مطلبهم. 

بقيت في جامع أنس لمدة سنتين تقريبًا في معهد عبد الأكرم السقا، والتزمت فترة طويلة أيضًا في الجامع المحسوب على كفتارو، وكنت في ذلك الوقت أتنقل، كان عمري في ذلك الوقت 10 سنوات تقريبًا، وبعدها أصبحت أذهب، وأحضر عند كفتارو والبوطي وأسامة الرفاعي... وأنتقل في كل مرة إلى مكان. 

بالنسبة للجانب الشخصي كان عمري 33 عامًا عندما حدثت هناك تحولات كبيرة جدًا، ودارت نقاشات في العقيدة وحول بعض المسائل الخلافية، وأصبحت هناك تحولات فكرية كبيرة جدًا، هذا ما أستطيع أن أذكره عن الجانب الشخصي 

مدينة داريا ملاصقة لمطار المزة العسكري، فالكثير من الأراضي تم استملاكها من قبل المخابرات الجوية، وضُمت إلى مطار المزة العسكري وهذا أولًا، وطبعًا معروف أنه في الاستملاك في سورية صاحب الأرض "لا يأخذ من الجمل أذنه" (يأخذ القليل جدًا)، فهذه مشكلة والمشكلة الأخرى أن الأراضي غير مستملكة، ولكن عليها إشارة لا يستطيعون البناء فيها وخدماتها سيئة جدًا، وهي أيضًا أراضٍ واسعة، وهذه الأراضي أصبحت في المرحلة الأخيرة من عام 2013 إلى الآن ممسوحة بالأرض، يعني المنازل التي كانت في هذه الأراضي أصبحت ممسوحة وسوّيت بالأرض وتم استملاكها، وكان عليها إشارة ولكنها غير مستملكة، والآن أصبح عليها استملاك، والأراضي الأخرى التي ليس عليها إشارة، ولكن يُسمح العمران عليها كانت عليها مشاكل أيضًا فلا يستطيعون أن يبنوا عليها أبنية عالية أو أكثر من طابقين، والرخصة تستغرق وقتًا طويلًا حتى تصدر، ويجب عليك أن تدفع رشاوى كثيرة وهناك أمور كثيرة، أضف إلى ذلك أن المجلس البلدي كانت خدماته سيئة جدًا في المدينة يعني بشكل عام مثل جميع المدن السورية. 

توجد في داريا منطقة منظمة وهي داريا القديمة وهناك المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية وهي منطقة البساتين، ومجتمع داريا لا يحب أن يسكن في الشقق والأبنية كما هو الحال في المدينة، ويحب المنازل العربية التي فيها ساحة وحديقة وشجر، فكان هناك الكثير من الشقق في داريا غير المسكونة، وبالمقابل كان هناك توجه من أهل داريا حتى يخرجوا ويسكنوا في الأراضي الزراعية. 

الحراك لم يبدأ منذ بداية حرب العراق وإنما بدأ منذ التسعينات، فالشباب أنفسهم المحسوبون على التيار التنويري كانوا يحاولون أن يقوموا بأنشطة ثقافية وأنشطة للتغيير، وأذكر منها مثلًا أنهم كانوا يضعون أفلام سينما في الجامع مثل فيلم "الرسالة" مثلًا أو أفلام أخرى تكون هادفة، ويقومون بجلسة مناقشة لهذه الأفلام، أو يطرحون قضايا تهمّ المجتمع، ويركّزون على القضايا التي تتعلق بالفساد المستشري في المجتمع أو في دوائر الدولة، مثل: الرشوة والمخالفات والالتزام بالقانون، وتتم مناقشتها داخل الجامع، وأحيانًا تدور مناقشتها على العموم بعد الصلاة وأثناء الاجتماعات العامة التي تكون مثلًا في صلاة العيد أو صلاة التراويح...

أيضًا في عام 2002 على ما أظن أو في عام 2001، لا أذكر التاريخ بالضبط، ولكن في هذه الفترة وقبل حرب العراق أصبح هناك مكتبة اسمها "سبل السلام" للإعارة ومن أجل المطالعة أيضًا، وأذكر أنني ذهبت إلى المكتبة واستعرت كتبًا، هي مكتبة خاصة، ولكن هدفها ثقافي وليس ربحيًا، فلم يكن فيها بيع للكتب كانت فقط لإعارة الكتب وللمطالعة داخل المكتبة أو للإعارة خارج المكتبة، فهذا نشاط من الأنشطة التي كانوا يقومون بها، وطبعًا الكتب الموجودة فيها كانت متنوعة؛ فيها كتب إسلامية دينية، وفيها كتب فكرية، وفيها كتب فلسفية. 

في عام 2003 احتُلت العراق من قبل الجيش الأمريكي، فكان هناك رفض شعبي ورفض حكومي في ذلك الوقت ضد الاحتلال، فنظّموا مظاهرة ليعبروا عن رفضهم للاحتلال الأميركي للعراق، وحملوا لافتات، ولم تكن هناك هتافات، كانت مسيرة صامتة، ولكن كان فيها لافتات ضد الاحتلال الأمريكي للعراق، طبعًا رافق هذه الحملة عدة نشاطات مدنية، مثل: تنظيف الشوارع، وطباعة منشورات وتوزيعها على الناس، كانت منشورات لمحاربة الرشوة، وأذكر عبارة كانت موجودة في المنشور: "سمّها ما شئت فهي رشوة." وكان الناس يسمّونها هدية أو رفع بلاء، ولكنهم كانوا يقولون إنها تظل رشوة ويجب ألا تكون هذه الظاهرة موجودة. 

كان المحرّك في الموضوع هو يحيى الشربجي -رحمه الله- اعتقله النظام في 2011، وتم إعدامه في عام 2013 في سجن صيدنايا، يحيى الشربجي هو شاب من مواليد عام 7919 على ما أظن، كان من الناشطين الموجودين ضمن التيار التنويري عند الأستاذ عبد الأكرم السقا، وكان إنسانًا منفتحًا ومفكّرًا، وكان لا عنفيًا (يدعو إلى اللاعنف)، ويدعو إلى التغيير وله نشاطات مدنية، وفي عام 2003 عندما تم اعتقاله لمدة 4 سنوات...

هؤلاء هم جماعة الأستاذ عبد الأكرم السقا أنفسهم، مثلًا: معتز مراد أحدهم ومحمد شحادة وهيثم الحموي وسعيد الحموي وسليمان العبار وأبو مصعب الشربجي، وأبو مصعب رجل كبير في السن، ولكنه كان معهم، يعني كان هناك شباب بالعشرات وهذه هي الأسماء التي أتذكرها الآن. 

كانوا يطلبونهم للتحقيق في الأفرع الأمنية، فذهبوا إلى أفرع التحقيق، وعادة ما يحدث مع أي شخص يكون له نشاط اجتماعي سواء ديني أو غير ديني هو أن يكون تحت مظلة المخابرات الموجودة في البلد، ويُطلب إلى التحقيق وحتى لوكان مؤيدًا أو مخبرًا كأن يكون شيخًا مخبرًا أو شخصًا مخبرًا فهو دائمًا لديه مراجعات أمنية في المخابرات، وهم عادة كانوا يطلبونهم للمراجعة الأمنية، وهم واضحون ولا يصدّرون أنفسهم سياسيًا على أنهم معارضون، ولكن يصدّرون أنفسهم على أنهم مصلحون اجتماعيون ودعاة تغيير على المستوى الاجتماعي فقط، طبعًا هذا الشيء كان يزعج النظام فأثناء مراجعتهم الأمنية بعد الحراك الأخير الذي قاموا به عند احتلال العراق دخلوا إلى الفرع للمراجعة الأمنية ولم يخرجوا. 

[بالنسبة] لرد فعل الناس فإنه كان هناك جزء كبير من الناس متعاطف معهم ولكنه خائف، يعني يعتبر أن فعلهم صحيح، ولكن الوقت غير مناسب، وأنهم رموا بأنفسهم إلى التهلكة كما كانوا يقولون، ولكن كان هناك تعاطف، في الوقت نفسه الذي كان يوجد خلاف كبير جدًا بينهم فكانت هناك حالة تشفٍّ منهم كما هو الحال عند أبي أحمد الكوشك (عبدو الكوشك) وكان يُعتبر من التيار السلفي، فكانت هناك حالة تشفّ وأنهم يستحقون ما حدث لهم؛ لأنهم ضالّون مُضلّون ويدعون إلى الاختلاط وسماع الموسيقى... 

[عدد الشباب الذين اعتُقلوا] أذكر رواية من أبي مصعب الشربجي كان قد أخبرني بأنهم 30 شخصًا، خرج جزء كبير منهم، كانوا 15 شخص تقريبًا، والباقي طال بقاؤهم في الأفرع الأمنية، وفيما بعد حُوّلوا إلى [سجن] صيدنايا. 

المدة لا أذكرها بالضبط؛ لأن بعضهم بقي سنتين ونصف والبعض الآخر ثلاث سنوات، كانت المدة متفاوتة، ربما أحدهم أثناء شهادته يحدثك عن التفاصيل أكثر، ويكون دقيقًا أكثر مني. 

قبل النشاط الذي حدث في حرب العراق، في عام 2000 عُزل عبد الأكرم السقا عن الخطابة وعُزل من إدارة معهد الأسد لتحفيظ القرآن الكريم يعني لم يعد لديه أي نشاط، وعُزل الأساتذة الموجودون في المعهد وهم أنفسهم الذين قاموا بالحراك المدني، كان سبب العزل هو الخلاف بين متنفذين من النظام من أهل داريا من آل العزب؛ موفق العزب وشفيق العزب وعماد العزب، فهؤلاء كانوا متنفذين ولديهم مناصب في نقابة الفلاحين ونقابة المهندسين وغيرها، لم أعد أذكر إذا كانوا متنفذين في نقابة المهندسين، ولكنهم متنفذون حتمًا في نقابة الفلاحين والأوقاف وفي المركز الثقافي، والآن شفيق العزب أصبح في المكتب الأمني الوطني-هكذا أذكر- كان الخلاف على سرقة من جمعية الفلاحين يقوم بها الموظفون، وتذهب من جيوب الناس المغلوب على أمرهم من الفلاحين، وفي وقتها عبد الأكرم السقا تكلم على المنبر أن هذا الشيء لا يجوز، وهذه سرقة، فجهزوا له [مكيدة] وعزلوه. 

كانت هناك جلسات خاصة، الذي أعرفه أنه كانت هناك جلسات خاصة، ولكن لم تعد هناك أنشطة مدنية، الجلسات التي كانت تحدث أقصد جلسات الدروس كانت مختلطة فيها نساء وشباب، كانوا يحضرون جلسات عند جودت سعيد في كل سبت، طبعًا أنا لم أكن أحضرها، كنت أعرف أن ذلك يحدث؛ لأن هناك جزءًا كبيرًا منهم تربطني بهم صداقة، كانت الجلسات عند جودت سعيد، وعندما أصبح هناك إعلان دمشق وربيع دمشق، وأصبحت هناك مساحة من النقاش في المنتديات التي كانت في جديدة عرطوز، كانوا يحضرونها، فكنت أعرف منهم ما يحدث والنقاشات التي تُطرح، كانت النقاشات تدور حول ضرورة تفعيل المجتمع المدني وضرورة التغيير السياسي. 

كان هناك رياض سيف وسهير الأتاسي وحازم نهار وهم تعرفوا على حازم نهار هناك. 

في ذلك الوقت كانت التيارات الدينية لا تزال قائمة، ولكن التيار التنويري قُضي عليه تمامًا؛ فبعد اعتقالهم لم تعد هناك نشاطات، والذي ظهر في ذلك الوقت مثلًا التيار السلفي هم جماعة[مسجد] المصطفى، وظهروا في عام 2000 تقريبًا، وبدأ معهدهم في عام 2000 واستمروا، والتيار المحسوب على كفتارو أيضًا بقي مستمرًا، ولكن بنشاطات أقل، فقد تقلصت نشاطاته بشكل أكبر، وعلى عهد حافظ الأسد الأب كانت نشاطات التيار الصوفي لكفتارو مسموحة أكثر، وفي عهد الابن (بشار الأسد) بقيت موجودة ولديها تسهيلات، ولكنها تقلّصت. 

يوجد شباب من داريا لم يكونوا محسوبين على التيار التنويري فهم أصغر سنًا، مثل: إسلام الدباس ومجد خولاني ومثل الكثير من الشباب، فهم أشخاص مثقفون وطلاب جامعة وليسوا محسوبين على تيار ديني، وإنما محسوبون على تيار أكاديمي يعني طلاب جامعة ومدارس وهذا الذي جمعهم، وأذكر إسلام الدباس مثلًا عندما بدأت الثورة في ليبيا وأصبح هناك قصف من الطيران للمظاهرات تكلم معي إسلام الدباس وقال لي: "هناك وقفة (اعتصام) من أجل القضية الليبية، وإذا أحببت أن تذهب حتى نشارك هناك." فقلت له: "اذهب وأخبرني ماذا سيحدث معك." كان هناك خوف لديّ، فالذي كنت أتخيله أنها... فهو كان يقول: "إنها مرخصة." ولكن أنا لم أكن... يعني انظر إلى أي درجة بلغ [الخوف] كنت أعتبر أنه ربما يكون فخًا حتى يعرف النظام من الذي يتحرك؛ حتى لا يكون لديه حراك فيعتقلهم مباشرة. 

[شارك في الاعتصام] نبيل الشربجي ويحيى وإسلام ومجد، وفي ذلك الوقت لم تكن هناك اجتماعات، قد يكون هناك الكثير من الناس شاركوا وأنا لا أعرفهم.

[قال لي إسلام]: إنهم كانوا موجودين ولديهم رخصة للوقوف، وهم بدؤوا يمشون، وقاموا بمسير، فجاء النظام أو المخابرات، وحدثت بعض المضايقات؛ ضرب وصراخ و... وتم فك الاعتصام وكل شخص ذهب في حال سبيله. 

في ذلك الوقت لم تكن الثورة قد بدأت بعد، ولكنني في الليل كنت أرجع في وقت متأخر إلى المنزل، وأشاهد سيارات تقف عند مدخل المدينة أو عند أماكن مفصلية، كان واضحًا أنها سيارات أمن، حتى إنه كان في داريا مكتب للأمن السياسي موجود عند منطقة التربة عند تقاطع شارع الثورة مع شارع المعضمية. 

كانت هناك نقاشات عن احتمالية بدء ثورة، وكانت ثورة مصر منتصرة، وبدأت ثورة ليبيا، واليمن كانت على وشك أن تبدأ فيها ثورة أو بدأت، وكانت هناك نقاشات، وكان رأي عدد كبير من الشباب أنها ستحدث، ولكن اللحظة متى ستبدأ، هل ستبدأ بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة أو في السنة القادمة، لا أحد يعرف، ولكن هناك حراك، والبلد فيه غليان، وهذا النقاش الذي كان يحدث، وكانت هناك دعوات أيضًا على "الإيميلات" من أجل التظاهر، وأظن أنه كانت هناك دعوتان حدثتا في شباط/ فبراير وفشلتا، وكنا ننتظر ونراقب ونسمع ونتكلم وهذا الذي كنت أراه، وربما كان هناك شباب يقومون بالتجهيز أنا ليست لدي فكرة عنهم.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/08/15

الموضوع الرئیس

التركيبة الاجتماعيةمدينة داريا قبل الثورة

كود الشهادة

SMI/OH/15-01/

رقم المقطع

01

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

قبل الثورة

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

سجن صيدنايا العسكري

سجن صيدنايا العسكري

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري

المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري

مطار المزة العسكري

مطار المزة العسكري

الشهادات المرتبطة