بدايات الثورة والموقف الكردي ولقاءات المعارضة السورية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:42:33
كانت قناعتي بعد التغيير الذي حدث في العراق وبعد اغتيال [رفيق] الحريري بأنَّ التغيير قادم للمنطقة بأي طريقة من الطرق، ودائمًا كانت دعوتي أنَّنا يجب أن نكون مستعدين للتغيير، أن نكون مستعدين كرديًا ومستعدين على الصعيد الوطني السوري، وذلك من خلال اللقاءات التي كانت تحدث، سواءٌ مع الأكراد أو مع المعارضة السورية من خلال الندوات. وأذكر في موضوع تونس (الثورة التونسية – المحرر) أننا كنا نتابع الموضوع بتفاصيله ودقائقه، وحين ترك زين العابدين بن علي تونس أذكر أنني كنت حينها في أبو ظبي، وكان عندي ندوة، ولو أنني كنت مستقلًا، ولكن أحيانًا عندما كنت أقوم بزيارات كانوا يصرون على أن تكون هناك ندوة أو جلسة مع الجالية الكردية، وفي السنة التي قبلها، مثلًا في العام 2009 أتصور أنني كنت في دبي حيث عقدوا ندوة كبيرة، وكان هناك مشاركون جاؤوا من الأكراد السوريين. ولكن عندما صار مع زين العابدين بن علي في بداية عام 2011 (هرب زين العابدين بن علي من تونس في 14 كانون الثاني/ يناير 2011 – المحرر)، كنت حينها في أبو ظبي، فإذ بالشخص الذي يدير الجلسة يبشرنا بشارة ويقول: "أبشركم بأنَّ بن علي ترك تونس، ونحن نأمل أن البقية أيضًا يتركون، ومنهم بشار الأسد"، وصفّق الحاضرون، بمعنى أننا كنا في هذا الجو.
عندما بدأت الثورة في مصر أذكر أننا كنا نتابع التفاصيل بالنسبة لميدان التحرير (انطلقت الثورة في مصر في 25 كانون الثاني/ يناير 2011 – المحرر)، وكنا بانتظار التغيير. وهناك قسم من الأصدقاء في وقتها طرحوا [قائلين]: "نتمنى أن تبدأ في سورية"، وأنا بصراحة كنت متخوفًا كثيرًا من الثورة في سورية، والسبب أنَّني أعلم وضع المعارضة، وأعلم أنها مفككة إلى أبعد الحدود، وليست لدينا قيادات قادرة على أن ترتقي للمستوى المطلوب، لا على الصعيد الوطني السوري بكل أسف ولا على الصعيد الكردي، وأعرف أيضًا همجية النظام، فالنظام مستعد لأي شيء. ولذلك كان تحليلي أنه علينا أن ننتظر الوضع في ليبيا؛ لأنَّ الوضع في ليبيا يشبه الوضع السوري إلى حد كبير، ولأن النظام هناك كان قد أفرغ البلد من المعارضة، فلا توجد معارضة حقيقية موجودة، والناس مستاءة من النظام، ولكن لا توجد قوى سياسية قادرة على أن تقود العمل. وعلى اعتبار أنني بقيت في ليبيا 3 سنوات، وكانت لي لقاءات وعندي أصدقاء من الليبيين، وأحيانًا في جلسات خاصة تدور بيننا أحاديث، فأحدنا مطلع على الوضع، وأنا أرى أن النظام في ليبيا كان متمسكًا بالسلطة إلى أبعد الحدود، ومستعدًا لأن يستخدم كل أنواع الأسلحة في سبيل قمع الليبيين، هكذا كان تصوّري. والشيء الذي حدث في ليبيا ربما كان هو حظهم أو الإرادة الدولية أو المصالح الدولية، فخرج القرار الأممي المعروف بالتدخل في ليبيا (صدر قرار مجلس الأمن رقم 1973 بتاريخ 17 آذار/ مارس 2011 – المحرر)، وهو الذي أنقذهم، وإلا فإن الوضع كان صعبًا جدًا.
بالنسبة لسورية حين بدأت الحركة في سورية، وخاصةً بالنسبة لـ [مظاهرة] الحميدية (في 15 آذار/ مارس 2011 – المحرر) والحريقة (في 17 شباط/ فبراير 2011 – المحرر) و[شعار] "الشعب السوري ما بينذلّ" والشعارات الوطنية التي كنا نتفاعل معها كثيرًا، والإنسان يشعر بالفرح والسعادة والاعتزاز، ولكن في الوقت ذاته كان هناك خوف. وبعد ذلك حين انطلق الاعتصام الذي صار أمام وزارة الداخلية، حيث كانت مجموعة من الشخصيات، كان في 16 آذار/ مارس، وأظن أنه كان هناك الدكتور طيب التيزيني وسهير الأتاسي، وهناك مجموعة من الأسماء التي كانت موجودة، وأيضًا هنا كانت الحركة، وبعد ذلك أخذت منحاها الفعلي في درعا (في 18 آذار/ مارس 2011 – المحرر).
طبعًا كنا نتابع الوضع ونحن خائفون مما سيحدث، هل سيستمر أم لن يستمر؟ وطبعًا كان هناك تواصل بيني وبين الأحزاب الكردية من ناحية، بعض القيادات أو معظم القيادات كنت أتواصل معها. والذي اكتشفته أن الكثيرين من الشباب، حيث كنت دائمًا أكتب حول الثورة وحول أهمية انطلاقها وأهمية الثورة على هذا النظام وحول المشروع الوطني السوري، فهناك بعض الشباب على ما يبدو كانوا يتابعونني، سواءٌ من خلال اللقاءات التلفزيونية أو من خلال الكتابات، وحدث الكثير من التواصل من قبل الشارع الكردي والشباب الأكراد الذين قاموا بالمظاهرات، فقد كانوا ينظمون أنفسهم، ويطلبون منا بأنه كيف يمكن لأحدنا أن يوجههم، وكيف لأحدنا أن يساعدهم. وكان توجهي حينها أنَّ الكرد يجب أن يكونوا قطعًا جزءًا من هذه الثورة، ولكنهم يجب أن يكونوا حريصين، فلا يكونون وحدهم في المناطق الكردية، وإنَّما ضمن مشاركة سورية عامة وجماعية.
وأذكر أن هناك صديقًا من الأصدقاء قال: "والله احترنا بالنسبة للأحزاب الكردية"، وكان يناقش في منزلي، وكانت هناك بعض القيادات الكردية موجودة، فقال: "أنتم في انتفاضة القامشلي (في 12 آذار/ مارس 2004 – المحرر) وحين قام الأكراد وحدهم بالانتفاضة، كنتم تقولون: لا، مسألتنا لا تُحلّ هنا، إنما مسألتنا في دمشق ومع المعارضة السورية، ويجب على الجميع [أن ينتفض]، هذا جيد. الآن في الثورة السورية كل سورية قامت، فتقولون: لا، الآن هناك خصوصية كردية. حسنًا عندما كانت هناك خصوصية كردية تحججتم بالموقف الوطني العام، والآن هناك موقف وطني عام، ولكنكم تتهربون منه بحجة الخصوصية، ومعنى ذلك أنه ليست لديكم نية".
بخصوص ملاحظاتهم، طبعًا أنا تواصلت تقريبًا مع الجميع، وخاصة مع عبد الحميد درويش - رحمه الله - ومع عبد الحكيم بشار، وأتصور مع فؤاد عليكو، وبعض الشخصيات الأخرى أيضًا، بمعنى أنهم خائفون ولا يعرفون إلى أين ستصل الأمور، وفي الوقت ذاته أن موضوع إسقاط النظام أو رفع شعار "إسقاط النظام" لم يكن في برنامجهم في يوم من الأيام، ولم يكونوا مستعدين لهذا الموضوع؛ لذلك كانوا حذرين وخائفين بالنسبة للوضع. صحيحٌ أن عملهم كان سريًا، ولكنهم معروفون جميعًا، وفي الوقت ذاته أن يكونوا ضد الثورة ويعلنوها [قائلين]: "إننا لا نريد أن نشارك"، فهذا أيضًا يأكل من رصيدهم، لذلك كانوا يحاولون أن يأخذوا موقفًا بينيًا أو موقفًا تلفيقيًا إذا استخدمنا مصطلح أستاذي طيب تيزيني، بمعنى "أننا نريد أن نتظاهر أننا مع الثورة، ولكن نريد أن نكون بعيدين".
في هذه الفترة كانت استراتيجية النظام واضحة منذ اليوم الأول، وكانت استراتيجيته تقوم على أساس إبعاد الجميع عن الثورة ما عدا المكون العربي السني الذي رأى أنه مصرّ على الاستمرارية في الثورة، وعلى ما يبدو أنه كانت لديه خطة للربط بين الثورة وبين الإرهاب والجماعات المتشددة، وكانت هذه المسألة واضحة. لذلك بالنسبة للعلويين حاول كثيرًا أن يضبطهم أمنيًا، وذلك من خلال تخويفهم وإرهابهم بالجماعات المتطرفة، وكان الشيء نفسه بالنسبة للمسيحيين وبالنسبة للدروز.
كرديًا على من سيعتمد؟ هل يأتي بتطرف إسلامي في المناطق الكردية؟! لن يفي ذلك بالغرض؛ لذلك يجب أن يأتي بطرف يكون أمينًا بالنسبة له، ويكون قادرًا أيضًا على ضبط الموقف وبشعارات كردية وبسلاح السلطة، فرأى أن حزب العمال الكردستاني هو الأساس. و[بالنسبة] للأحزاب الكردية الأخرى، فإنني أذكر حين كنت أتواصل معهم كانوا يقولون: "نحن سنقوم بالتنسيق"، ولكن حين حصلت دعوة بشار الأسد للأحزاب الكردية، [وقيل لهم]: "تعالوا إلى الشام (دمشق) لنتفاهم بموضوع الجنسية، ونريد أن نعطيكم الجنسية وكذا"، طبعًا نحن كنا ضد هذا التوجه والتفاهم، فعلى أي أساس ستذهب إلى هناك؟! ولكن حينها الكثير من الأحزاب كانت تميل إلى الذهاب.
أذكر على صعيد الشخصيات الكردية المستقلة وعلى صعيد الشبكة التي كنا نتعاون معًا فيها، فأنا كنت خارج التنظيمات، ولكن هناك بعض الشخصيات في أوروبا وحتى في الداخل كنا ننسق مع بعضنا في بعض الأحيان، ونحاول أن نطرح بعض الطروحات، وبالتالي تواصلت مع الأحزاب الكردية حينها وقلت: "بخصوص هذا الموضوع عليكم ألا تذهبوا إلى دمشق"، وأذكر أنهم كانوا قد خرجوا على شاشات بعض التلفزيونات، ولم أعد أذكر الأسماء، [وقالوا] ما معناه "إن الطيارة جاهزة، ونريد أن نذهب"، وبمعنى أنه نوع من الحلول.
تواصلت حينها مع قيادات كردية، وضغطت باتجاه ألا يذهبوا، وقلت: "إذا ذهبتم فإنكم ستفصلون بين الكرد وبين المكونات السورية الأخرى وكل سورية. ونحن كنا بانتظار هذه اللحظة، والآن أتت هذه اللحظة، ونحن بهذه الحالة سنأخذ موقفًا انتهازيًا على أساس أن مشكلتنا قد حُلَّت وليس لنا علاقة بالآخرين. وهذا الشيء ليس لمصلحتنا ولا يليق بموقفنا الوطني". ووصلنا إلى هذه المسألة في نهاية المطاف نتيجة الضغوطات، وضغطت من خلال بعض الأصدقاء الموجودين مع المستقلين والذين تواصلوا أيضًا مع القيادات الكردية، وحتى إنني كتبت لهم بشكل واضح، وتجاوزنا هذا الموقف. كان هناك بعض المثقفين المستقلين الآخرين الذين ضغطوا أيضًا في هذا الاتجاه، لم أكن أنا الوحيد في هذا الاتجاه كي نعترف بحقوق الآخرين.
كانت الشعارات وطنية لأبعد الحدود، وهي الشعارات المطلوبة، فمن خلال إعادة ترتيب الأفكار والتأملات فيما يخصّ ليبيا، وصلت لقناعة أن غير المشروع الوطني لا [يوجد مشروع] ينقذ البلد، ليس بالنسبة لسورية فقط، وأتصور أنه الحل الممكن، سواءٌ بالنسبة للعراق وبالنسبة للبنان وبالنسبة لكل دول المنطقة التي تعاني من هذه المشكلة، وخاصةً في سورية. فالشعارات كانت وطنية بامتياز بدليل أن الذي يضع الشعارات لديه نَفَس وطني، وبدون شك عملية وضع الشعارات يجب أن تكون هناك مجموعة وراءها، وبعد ذلك تفاعل الناس مع هذه الشعارات يجعلك تشعر أنه بالفطرة السليمة الناس تبحث عن شعارات كهذه، وهي الشعارات التي كانت تجمع؛ لذلك الاعتصامات والمظاهرات كانت مثل المهرجانات والاحتفالات والأعراس في تلك الفترة.
بالنسبة لعامودا، أخذت وضعًا خاصًا، ففيها تشكلت بعض التنسيقيات الشبابية التي كان أفرادها يتواصلون معي، وفي عامودا كان النَفَس الوطني موجودًا منذ البدايات، وحتى أيام الفرنسيين، فمعروفٌ أن الفرنسيين ضربوها بالطيران نتيجة الموقف الوطني الذي كانت تتميز به. وكذلك هناك التنوع والعلاقات بين الأسر في عامودا، فعامودا مدينة لها طابع معين، صحيح أنها مدينة، ولكنها في الوقت ذاته كأنها مجتمع ريفي، ففي نهاية المطاف هناك نظام العائلات ونظام الأسر، حيث تجد بيت (عائلة) فلان وبيت فلان، وهؤلاء الذين يعطون للبلد خصوصيته وشخصيته. لذلك أنا أتعامل مع أي إنسان مباشرةً [بعد أن أسأل]: من بيت من؟ (من أي عائلة؟) ومجرد أن أعرف من أي بيت (عائلة)، فإنني أعرف ما هي توجهاتهم وماهي مفاتيحهم. فعملية التواصل والتفاعل في عامودا كانت إيجابية جدًا، وقد أعطت تأثيرها بالنسبة للثورة؛ ولذلك كانت عامودا سباقة بالنسبة لغيرها وأثّرت.
حتى إنني كنت أوجّههم، فعندما كانوا يتواصلون معي ويقولون: "حسنًا، ماذا سنفعل؟"، فأوجههم قائلًا: "تذهبون إلى الدرباسية حيث هناك بعض الأصدقاء القدامى الذين أثق بهم، واذهبوا إلى القامشلي وتواصلوا مع فلان، وفي رأس العين مثلًا (...) وفي ديريك (...)". أثّرت بشكل عام، والغالبية الكردية من خارج الأحزاب، وطبعًا هي غالبية قوية، ففي الأحزاب كل الانشقاقات التي كانت تحدث كانت تؤدي إلى خروج جزء كبير من الأعضاء الحزبيين، يتركون العمل السياسي، ويتحولون إلى مستقلين. والمستقلون ظاهرة موجودة في المجتمع الكردي، وهم مهتمون في السياسة إلى أبعد الحدود، ولكنهم ليسوا منظمين، وهؤلاء معظمهم كانوا مع الثورة السورية، وإلى الآن نتواصل معهم، والكثيرون منهم يسجلون انتقاداتهم وملاحظاتهم على طريقة عمل الأحزاب الكردية، وطريقة عمل حزب العمال الكردستاني.
القيادات الحزبية كانت بعيدة، حتى إنني سمعت بعض القياديين يقولون: "والله لو خرج الشعب السوري كله، فأنا لن أخرج"، بعض القياديين وليس كلهم، بينما اندمجت القواعد الحزبية في الثورة وصارت تطالب (...). وبعد ذلك صارت هناك حركة، علينا أن نتكلم عنها على اعتبار أننا نتكلم عن شهادة. وحين أتى حزب العمال [الكردستاني] من خلال الـ”PYD” (حزب الاتحاد الديمقراطي – المحرر) وصالح مسلم وهذه المجموعة، وصار لقاء مع الأحزاب الكردية، وحينها لم يكن هناك المجلس الوطني الكردي، بل كان مجموع الأحزاب الكردية، وهم موزعون بين إعلان دمشق وبين هيئة التنسيق، وحتى إنهم صاروا يصادرون الموقف الكردي، وإذا أرادوا أن يمنعوا الأكراد من التظاهر فإنهم غير قادرين؛ لذلك صاروا أيضًا يخرجون في مظاهرات، ولكن بشعارات مختلفة وفي أيام مختلفة، وليس بنفس شعارات الثورة السورية، وذلك حتى يفتتوا الوحدة الكردية السورية التي حدثت، أو وحدة الأكراد مع بقية المكونات الموجودة في مناطق الجزيرة وفي المدن والبلدات الكردية الأخرى. وبهذه الطريقة تمكن حزب العمال من أن يشرعن نفسه بطريقة من الطرق في الشارع السوري من خلال بعض الأحزاب الكردية، ولكن بعد أن أخذ أسباب القوة تخلّص من الأحزاب الكردية نفسها، وهو الذي سيطر على الموقف. والآن هناك بعض الاحزاب الكردية السورية الموجودة، ولكنها موجودة مع الإدارة الذاتية أو مع مشروع حزب العمال الكردستاني، وهي مجرد واجهة لا أكثر ولا أقل.
بخصوص اللقاءات التي حدثت، في لقاء اسطنبول في شهر نيسان/ أبريل كنت موجودًا ودُعيت (عُقد "لقاء اسطنبول من أجل سوريا" في 26 نيسان/ أبريل 2011 بدعوة من منبر التضامن مع الشعب السوري الذي تم تأسيسه في تركيا – المحرر)، والذي فهمته حينها، وأنا لا أعرف العناوين (عناوين اللقاءات – المحرر)، ومن الذين تواصلوا معي على أساس أن يكون هناك لقاء بين المثقفين السوريين والأتراك، وأتصور -لا أعرف مدى دقة معلوماتي- أنَّ منظمات المجتمع المدني التركية القريبة من حزب العدالة [والتنمية]، أظن أنهم الـ "IHH" (هيئة الإغاثة الإنسانية في تركيا – المحرر) هم الذين كانوا وراء الموضوع أو دعموا الموضوع طبعًا بالتعاون مع (...)، وبعد ذلك فهمت أنَّ الإخوان المسلمين كان لهم دور، وكانوا موجودين في الساحة.
عندما ذهبت إلى المؤتمر كان هناك الكثير من الأشخاص الذين كنت ألتقي بهم للمرة الأولى، مثلًا: خالد خوجة تعرفت عليه من خلال المؤتمر، بينما عبيدة النحاس كنت أعرفه قبل ذلك أثناء اللقاءات مع [علي صدر الدين] البيانوني، وكان لديه مركز الشرق، وكان أحيانًا ينشر بعض المقالات التي كنت أكتبها في مواقع وصحف أخرى، فكان هناك تواصل. ولكن الشخصيات الأخرى مثل أحمد رمضان، فإنني تعرفت عليه أول مرة خلال هذا اللقاء، وكان موجودًا أيضًا، فهناك الكثير من الناس الذين التقيت بهم.
وفي هذا اللقاء طرحت وجهة نظري، وألقيت كلمة، وكلمتي كانت بمعنى - وكنا لانزال في مرحلة الإصلاح، ولم نكن قد وصلنا لإسقاط النظام - إن الذي ينقذ البلد هو تشكيل هيئة وطنية للإصلاح، وكان اقتراحي أن من يقود هذه الهيئة كي نحافظ على وحدة البلد، ونحن نستوعب العملية كيف ستحدث، هو بشار الأسد نفسه شرط أن يبدي الرغبة والقدرة على الإصلاح، حيث يجب أن يكون إصلاحًا حقيقيًا. وهو إذا لم يكن يريد ذلك، فاقترحت لأطمئن العلويين والأقليات -إذا استخدمنا هذا التعبير- اقترحت عارف دليلة، حيث كنت ألتقي به عندما كان في جامعة دمشق في قسم الاقتصاد، وكان يدرّس هناك، وكنت أتردد عليه في سبيل طرح بعض الأسئلة بخصوص موضوع أطروحتي، وبعدها كنت أتابع سيرته وخاصةً أيام اعتقاله (اعتُقل عارف دليلة في 9 أيلول/ سبتمبر 2001 – المحرر)، وكنت أرى فيه شخصية وطنية حريصة على سورية، وكنت قد كتبت عنه واعتبرته هو ورياض سيف من النبلاء السوريين بطريقة من الطرق، والمفروض علينا أن ندعمهم في نهاية المطاف، وأن يكون عارف دليلة على رأس هذه اللجنة، ولكن مع الأسف النظام استمر بالقتل والقتل والقتل.
وبعد أن عُقد اجتماع أنطاليا، وأنا لم أشارك في أنطاليا (عُقد مؤتمر أنطاليا تحت عنوان "المؤتمر السوري للتغيير" في 1 حزيران/ يونيو 2011 – المحرر)؛ لأنه بناءً على التواصل الذي صار بيني وبين الأحزاب الكردية، وأنا حتى هذه المرحلة كنت أحب أن أضغط على الأحزاب الكردية لتشارك فعليًا في الثورة، وعليّ أن أحافظ على العلاقة معها، ولا يجب أن أقطع العلاقة معها نهائيًا، وتوافقنا حينها، وتواصلت مع عبد الحكيم بشار و[ أخبرته] أننا متوافقون على ألا نحضر مؤتمر أنطاليا، فهم لا يريدون أن يكونوا ضد، ولكن لا يريدون أن يحضروا؛ لأنهم لا يعرفون ما ذا سيحصل، بمعنى إنهم يتابعون الوضع. وتشاورت حينها مع بعض الاصدقاء الذين كانوا بهذه الشبكة من المستقلين الذين حدثتك عنهم، ولا أحب أن أذكر أسماءهم فربما هم لا يريدون ذلك، وكنا نتشاور، واتفقنا مع بعض أننا لا نريد أن نحضر أنطاليا، وأنا أيضًا لم أحضر أنطاليا.
طبعًا عبد الرزاق عيد كان هو رئيس اللجنة التحضيرية، وعبد الرزاق عيد أعرفه منذ الثمانينيات تقريبًا، فقد كنا نلتقي في حلب، وهو كان مع الحزب الشيوعي السوري جناح خالد بكداش أظن ذلك، وكمثقف وسياسي كنت أرى أن هناك جوانب مشتركة بيننا. ولذلك حين حصل تواصل بيني وبينه، طرح قائلًا: "إذا كان لديك اعتراض على بعض أعضاء اللجنة التحضيرية فسأخرجهم جميعًا، وأنت ستختار"، فقلت له: "عبد الرزاق عيد أنا لا أريد أن أشارك في مؤتمر أنطاليا، ولكنني لست ضد مؤتمر أنطاليا"، وليس من طبعي (...)، فأي لقاء بين السوريين والهدف المعلن فيه هو هدف وطني لا أكون ضده، ولا أكتب عنه، وإذا صار شيء فكل السوريين يجب أن يستفيدوا، وإذا حصلت سلبيات فالذين نظموا المشروع هم الذين سيعترضون عليها.
طبعًا ربما لم أخبره أنَّ هناك توافقًا بيني وبين الأحزاب الكردية بأنَّنا لن نحضر وسننتظر النتائج، ولكن مع ذلك - ولكي نرى الوضع - فإن 50 كرديًا تقريبًا شاركوا في مؤتمر أنطاليا، كان من بينهم صلاح بدر الدين ومجموعة أسماء كثيرة من الذين كانوا مشاركين، وأنا لم أكن موجودًا، ولكن مؤتمر أنطاليا أظن أنه كان بادرة في سبيل تحريك الوضع. فالسوريون التقوا وهذه الناحية إيجابية، ولكن أن يقدم البديل للوضع السوري، أتصور أن الوضع كان صعبًا جدًا؛ لذلك شكلوا لجنة، ومن الممكن أنهم ذهبوا إلى موسكو وقاموا بلقاءات، ولكنهم لم يصلوا إلى الشيء الذي كان السوريون ينتظرونه.
بالنسبة لمؤتمر بروكسل أتصور أنه تواصل معي [علي صدر الدين] البيانوني (عُقد مؤتمر بروكسيل في 6 حزيران/ يونيو 2011 – المحرر)، وربما كانوا قد وضعوا اسمي في اللجنة التحضيرية، فاعتذرت، وقلت لهم: "لن أحضر المؤتمر"، فقد رأيت أن هناك لونًا واحدًا بالنسبة للمؤتمر، وأكثر شيء كان الإخوان المسلمين هم الذين يتبنون الموضوع، وأتصور أنه اقترح عليّ حينها قائلًا: "إذا كان هناك أي اسم تقترحه من بين الأكراد ليكونوا موجودين"، وأتصور أنني اقترحت اسمًا أو اسمين من الأشخاص المعقولين والذين من الممكن أن يكونوا موجودين، ولكنني شخصيًا لم أشارك. وكنت على نفس الموقف: وهو أنَّني لست ضد المؤتمر إذا كان المؤتمر سيُعقد؛ لأنَّ الحالة كانت إذا أردنا أن نعود 11 عامًا إلى الوراء، فإن الوضع كان قلقًا جدًا، والمظاهرات في كل مكان، والنظام يقتل الناس، والسوريون يبحثون عن ممثل سياسي، وخاصةً تجربة الثورة السورية و[تجربة] المجلس الانتقالي الليبي مثلًا، وكان مطلوبًا من المعارضة أن تبادر، والمعارضة الداخلية على ما يبدو كان لديها إشكالية.
كان هناك حركة وتواصل [في الداخل السوري]، ولكن لم يكن هناك شيء جدي؛ لذلك أتصور أن الأحزاب الكردية حين كانوا ينقلون الموضوع فإنهم أيضًا لا يرون في الداخل هذه الجدية؛ ولذلك كانوا يرون أنه علينا أن ننتظر، وكنت ألحّ عليهم، وأقول: "حسنًا، إلى متى سننتظر؟!". كانوا ينتظرون أن تتبلور المواقف بالنسبة للأحزاب العربية إذا صح التعبير، أو بالنسبة لإعلان دمشق، ومعظم الإخوان [المسلمين] كان تواجدهم وقياداتهم السياسية في الخارج، وفي الداخل أتصور أنه لم يكن لهم هذا [الحضور]، وفي الخارج أيضًا كان هناك صراع بينهم، وعلى اعتبار أنني بعيد عنهم فلم أكن أعرف تفاصيلهم، ولكنني بعد ذلك عندما اقتربنا في مرحلة المجلس الوطني السوري اكتشفت أن هناك صراعًا حقيقيًا، وهناك تباين حقيقي بينهم، وهم لا يتكلمون، ولكن المسألة واضحة.
بالنسبة لهيئة التنسيق فأنا أيضًا لم أكن في الصورة كما كان ينبغي بالنسبة للمعارضة، وفوجئت حين حصل هذا الانشقاق (أُعلن عن تشكيل هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي في 30 حزيران/ يونيو 2011 – المحرر)، أي عندما أصبح هناك هيئة التنسيق وإعلان دمشق، فهناك قوى يسارية في هذه الجهة وفي تلك الجهة، وهناك قوى قومية في هذه الجهة وفي الجهة الأخرى، وهناك شخصيات لها مصداقية ومعروفة بموافقها من النظام وموزعة على الهيئتين. وبالنسبة للموقف الكردي فإن قسمًا من الأحزاب تفاعل مع إعلان دمشق؛ لأنَّ إعلان دمشق كان أقدم من هيئة التنسيق، وقسم من هيئة التنسيق كانوا مع إعلان دمشق. ولكن الخلافات التي كانت بين الأحزاب الكردية نفسها والحساسيات الموجودة بينها هي التي قطعت الطريق على انضمام كافة الأحزاب الكردية إلى إعلان دمشق، وربما البعض منهم تأثر بتعليمات النظام، وهذه المسألة واردة، وليست لدي معلومات مؤكدة، ولكن من الاستنتاج ومن التحليل ومن الاصطفافات التي حدثت لاحقًا، ومن المواقف التي حصلت، أظن أنه كان لذلك هذا التأثير. وعندما حدث الانشقاق، وصارت هيئة التنسيق في طرف وإعلان دمشق في طرف آخر، أثّر ذلك كثيرًا على معنويات السوريين وعلى طاقاتهم وعلى إمكانية تحقيق الوحدة الوطنية بينهم؛ لذلك شعرنا حينها أنَّ المسألة لن تكون سهلة كما تصورنا.
بتصوري إذا أخذنا مقياسًا أو معيارًا عندما انضم حزب الاتحاد الديمقراطي إلى هيئة التنسيق، ونحن نعرف أنَّ حزب الاتحاد الديمقراطي هو فرع سورية لحزب العمال الكردستاني، ونعرف أن هذا الحزب دخل بكل فعاليته إلى الساحة الكردية السورية بعد الثورة نتيجة الاتفاق مع النظام، وأتصور أن هيئة التنسيق كسياسيين ومقيمين في البلد يجب أن تكون لديهم المعلومات، أو على الأقل هم يسمعون أصوات بعض الأكراد الذين يثقون بهم، فالذين لديهم المعلومات يعرفون الوضع، ومع ذلك ظلوا مستمرين في تلك العلاقة، وحتى حين تبيَّن لهم ما هي توجهاتهم (المقصود توجهات حزب الاتحاد الديمقراطي – المحرر). وهناك بعض الأحزاب الكردية التي كانت في هيئة التنسيق وصارت في المجلس الوطني الكردي لاحقًا (تأسس المجلس الوطني الكردي في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 – المحرر)، خرجت بعد ذلك من المجلس الوطني الكردي، وهي الآن جزء من مشروع الإدارة الذاتية التي يديرها حزب الاتحاد الديمقراطي أو حزب العمال الكردستاني من خلال مواجهاته المختلفة في حقيقة الأمر.
الأهداف لم تكن جذرية، فهم لا يطالبون صراحة بإسقاط النظام مثلًا، وكذلك بخصوص مسألة التدخل العسكري، علمًا أنَّه لم يكن هناك أحد يطالب بالتدخل العسكري، وهم كانوا يتهموننا في بداية المجلس الوطني السوري، ويقولون: "إنهم يطالبون بالتدخل العسكري". وكذلك مفهوم المعارضة الداخلية والخارجية التي أيضًا تشبثوا بها، وهذا لم يكن له أساس، فمثلًا: جورج صبرة خرج من السجن، وأتى إلى المجلس الوطني، ومع ذلك كان اسمنا على أساس أننا معارضة خارجية، كذلك رياض سيف وهيئات الحراك كلها التي خرجت [وانضمت للمجلس الوطني]. بينما هم [أعضاء تلك الأحزاب الكردية] كان لهم موقف آخر، ولذلك ذهبوا مع هيئة التنسيق، ومع ذلك كنا نحاول وكانت وجهة نظرنا (...)، فهيئة التنسيق لا نستطيع أن نشكك بهم كلهم؛ لأن هناك أشخاصًا لهم تاريخ ولهم وطنيتهم ومواقفهم واضحة، وكنا نريد بكل الطرق أن يكونوا مع إعلان دمشق وأن نتواصل عبر جهود المجلس الوطني السوري. وصارت هناك لقاءات بيننا وبينهم في خضم عملية تأسيس المجلس الوطني السوري، وقبل الإعلان عنه بصيغته النهائية، وبعد ذلك حدثت لقاءات، ولكن بكل أسف لم نصل إلى المطلوب.
طبعًا ودون شك كنا نتابع هذه المؤتمرات، ومنها (مؤتمر صحارى وسميراميس – المحرر)، ولو أننا لم نكن مشاركين فيها، وأتصور أن الأحزاب الكردية بشكل علني وفعلي لم تشارك في [مؤتمر] صحارى ولا في [مؤتمر] سميراميس (عُقد مؤتمر سميراميس في 27 حزيران/ يونيو 2011، وعُقد مؤتمر صحارى في 10 تموز/ يوليو 2011 – المحرر)، ولكنهم كانوا يتابعون الموقف. هناك بعض الأكراد الذين شاركوا، وهناك بعض المستقلين الذين أعرف أنهم شاركوا بأسمائهم، ولو أنهم كانوا أعضاء في أحزاب كردية، ولكن كان التصور أنه من الممكن أن يخرجوا بشيء من التفاهمات، ومن الممكن للنظام أن يراجع نفسه، فهو يرى الأوضاع إلى أين تذهب، والأمور كانت لا تزال في مرحلة أنَّه من الممكن الوصول إلى حل، فقد كانت هناك ضغوطات. ولكن في نهاية المطاف تبين أن النظام على العكس يلعب ليكسب الوقت، ويستغل الأطراف، ويعطي بعض الوعود، بينما هو غير مستعد لفعل شيء، وخاصةً بعد أن أخذ تأكيدات واضحة من إيران بأنه سيكون هناك اعتماد على حزب الله وأنهم سيواجهون، وكان قد حسب حساباته مع حزب العمال الكردستاني، وكان واضحًا أنَّه قد اتخذ قرار المواجهة وإعلان الحرب على السوريين.
في مؤتمر الإنقاذ (انعقد مؤتمر الإنقاذ في اسطنبول في 16 تموز/ يوليو 2011 – المحرر)، طبعًا أنا لم أشارك في مؤتمر أنطاليا ولا في مؤتمر بروكسل، في مؤتمر الإنقاذ اكتشفت أنَّ الأحزاب الكردية موقفها غير واضح، وأن هذا التنسيق الذي كان موجودًا أو الذي كنا نعوِّل عليه في سبيل ألا نقطع الأمل قد اختل قليلًا؛ لأنهم ليس لديهم استعداد أن يتفاعلوا مع أي خطوة سوريّة من خلال تلك المؤتمرات. أيضًا حينها صار هناك تواصل بيني وبين الشهيد مشعل تمو- رحمه الله - وطبعًا مشعل أنا أعرفه منذ الثمانينيات، حيث كانت هناك معرفة بيننا، وهو كان في حزب آخر، ولكن مع ذلك كان هناك احترام مشترك ومتبادل، وحين حدثت الانتفاضة الكردية في القامشلي عام 2004، وعلى أثرها قام بجولة في ألمانيا، وجاء إلينا في السويد، والتقينا وتحدثنا.
كانت وجهة نظري في مشعل حينها، وأذكر أنه أتى إلى بيتنا، وسهرنا معًا، وقلت له: "مشعل، أنا من وجهة نظري أنه يجب أن تكون لدينا نخبة كردية خارج إطار الأحزاب، لها احترامها وقادرة على أن تتواصل مع الجميع، ومن الممكن أن تؤثر؛ لأنَّنا إذا أخذنا هذا الحزب أو الحزب الآخر، فإنك تتحول حينها إلى جزء من الحالة الحزبية، ولا يعود لك دور في سبيل أن تقرب بين المواقف". وكان موافقًا على هذا الكلام، ولكن حين عاد إلى سورية لا أعرف ماذا خطر على باله، وبدأ بفكرة تيار المستقبل (تأسس تيار المستقبل الكردي في القامشلي في 29 أيار/ مايو 2005 – المحرر)، المهم أن هذا الذي حصل.
مشعل كان جذريًا من حيث طروحاته، بمعنى أنه يريد أن يكون هناك نوع من التغيير، كما كانت شخصية مشعل هي الشخصية الكاريزماتية الحقيقية؛ لذلك عندما قلت: سياسة النظام هي أنَّه يريد أن يتخلص من الشخصيات الكاريزماتية التي توحّد، مثل: الشيخ معشوق الخزنوي و[رفيق] الحريري في لبنان، وكذلك مشعل [تمو] كرديًا حيث كان ينتقد في خطابه الأحزاب الكردية بشكل علني، وفي وجه حزب العمال الكردستاني. والشباب الكرد الذين كانوا يخرجون في المظاهرات كانوا يتفاعلون معه، و[نتيجة] لهذه المسألة اتخذوا قرارًا بتصفيته، وهذا موضوع آخر من الممكن أن نأتي على تفصيلاته.
بالنسبة لمؤتمر الإنقاذ [حصل] تواصل [وطلبوا مني] أن أكون موجودًا، من تواصل معي من الأصدقاء؟ نجيب غضبان، وكنت قد تعرفت عليه في أمريكا حين ذهبنا إلى هناك لحضور الندوة أنا وعبد الرزاق عيد، فالتقينا حينها برضوان زيادة، والتقينا ببعض المعارضين السوريين الذين كانوا موجودين، ونجيب غضبان كان في وقتها يدرّس في الجامعة، فالتقينا والذي جذبنا الجانب الأكاديمي المشترك، وهناك توجه سياسي مشترك، ولا أعرف إذا كان قد مشى مع جبهة الخلاص (انضمّ إليها – المحرر) في فترة من الفترات، ليس لدي معلومات، ولكنني أتصور أنه مشى معهم. تواصل معي، وكان هناك احترام متبادل بيننا، وكان هناك أحيانًا نوع من تبادل الآراء، وقال: "أنت رفضت أن تحضر مؤتمر أنطاليا وبروكسل على أساس أنه لون واحد وتوجه واحد، ولكن [مؤتمر] الإنقاذ أكثر من لون وطابعه وطني، وربما يأتي الدكتور برهان ليحضر". أقنعوني بأن أحضر مؤتمر الإنقاذ، وحضرته، وأنا لم أكن في اللجنة التحضيرية ولا في تفاصيل المؤتمر وكيف حدث؟ وعلى أساس أن يكون جزء من المؤتمر في سورية والجزء الثاني في تركيا.
في القابون بعد أن حصلت عملية الاعتداء على مكان المؤتمر والقمع الذي حصل (ارتكبت قوات النظام مجزرة قرب مكان عقد المؤتمر في حي القابون في 15 تموز/ يوليو 2011 - المحرر، وهُدّد صاحب القاعة التي من المقرر أن ينعقد فيها المؤتمر)، وهيثم [المالح] لم نكن نعرف أنَّه قد خرج من البلد، وبعد ذلك جاء. هيثم المالح كما تحدثت كنت قد التقيت به في العام 2003، وشاركنا مرة أو مرتين في برامج [تلفزيونية]، هو كان يتصل من سورية، بمعنى أن هناك نوعًا من المعرفة.
ذهبت إلى مؤتمر الإنقاذ، وعندما دخلت كان الوضع تعيسًا جدًا، ولا يوجد تنظيم، وعماد الدين رشيد كنت لأول مرة ألتقي به، وليس لدي فكرة عنه وعن التيار الإسلامي، ولم أكن مطلعًا على هذه التفاصيل. والذي فهمته أنَّه كان هناك تنسيق بينه وبين هيثم [المالح]، وبعد ذلك ربما اختلفوا، وكان هناك بعض الشباب الأكراد القريبين من عماد الدين رشيد، والتقيت بهم في المؤتمر، وهناك بعض الأصدقاء المشتركين وبعد ذلك حدثوني بأنهم كانوا قريبين أيضًا من عماد الدين رشيد.
عندما دخلنا إلى المؤتمر صارت هناك بلبلة في المؤتمر؛ فهناك بعض الشباب الأكراد، وطبعًا كان كل أحد قد جاء بطريقة، بمعنى أنه لا يوجد تنظيم، ولا يوجد توجه، ولا يوجد توافق على الطروحات، فهناك البعض منهم طرحوا فكرة تغيير اسم "الجمهورية العربية السورية"، وأن نقول: "الجمهورية السورية". طبعًا مثل هذه الطروحات ليس الشخص ضد إثارتها، ولكنها تتطلب شروطًا، مثلًا: وقت مناسب ومكان مناسب وجو هادئ، فليس من المعقول أن 300 أو 400 شخص لا يعرفون بعضهم، وفجأة نحن نبتدئ بالقضية الإشكالية الأكثر صعوبة! يعني لا يمكن حدوث هذه المسائل. وحينها هناك قسم لم يوافق، فقالوا (أي الشباب الأكراد – المحرر): "سننسحب"، وأنا لم أنسحب، فمن أين ننسحب؟ هل سينسحب الشخص من بيته ومن أهله؟! أنا سأقول رأيي بصراحة، وفي نهاية المطاف أنا موجود، وأستمع إلى رأي الآخر، وأتفاعل معه بهذه الطريقة، ولكن ربما هناك بعض الأشخاص لديهم توجهات، ويريدون أن يخرجوا لأنه باعتقادهم أن هذا هو الصحيح.
ولامني الكثير منهم، وانتقدوني، وحتى إنني تعرضت لحملة، وحين يعرفون أنك مع الثورة ومتفاعل مع الثورة، فالجماعة القريبون من النظام سيستخدمون كل الأساليب في سبيل أن ينهوك سياسيًا على الأقل إذا كانوا غير قادرين على أن يتخلصوا منك فيزيائيًا. ولكنني لم أتأثر بهذا الشيء الذي حصل. تحدثنا مع بعض الأصدقاء، أتصور أن لؤي صافي كان موجودًا ونجيب غضبان، ولا أعرف إذا كان رضوان زيادة موجودًا أم لا، لم أعد أذكر بالضبط، وقلت لهم: "حسب قناعتي بهذه الطريقة لن نصل إلى شيء". وهذا كان رأيي أنه بهذه الطريقة وهذه الاجتماعات الكبيرة لن توصلنا لشيء، ربما هي تساعد الناس لتتعرف على بعضها، ولكن إذا كنا نريد أن نناقش المسائل، فيجب أن تكون هناك مجموعة محدودة العدد، يعني 20 أو 25 شخصًا لا أكثر، فنتناقش ونرى إلى أين سنصل. بينما بهذه الاجتماعات العامة (...)، فبعض الأشخاص كانوا قد جاؤوا ومنهم شخص قد جاء وأحضر زوجته وأولاده وبناته على أساس أنها ستكون عملية تصويت من أجل أن تكون الأصوات أكثر، وبالتالي [بهذه الطريقة] لن تصل إلى شيء. وإذا أردنا أن تكون هناك ديمقراطية، فإن الديمقراطية لها آليات ومحددات وقواعد، ولدينا أحزاب، والأحزاب تمثل قوى اجتماعية وتمثل مصالح، وهناك أصول للعملية، فليس الموضوع فقط أن نقول: "ديمقراطية"، أي ديمقراطية هذه؟! الصادق النيهوم المفكر الليبي -رحمه الله- كان يذكر أننا نطالب بالديمقراطية، وهي في أساسها قائمة على الأحزاب وليس لدينا أحزاب، وقائمة على العمال وليس لدينا عمال أو حتى مصانع، وبالتالي هناك مسائل يجب على الشخص أن يكون واقعيًا ومتواضعًا فيها إلى حد ما.
ومن هنا خرجت فكرة أنه من الممكن أن نتواصل ونتحاور ضمن إطار مجموعة صغيرة، وبعد فترة، لم أعد أذكر إن كانت أسبوعًا أم أسبوعين، وكنا قد توافقنا على أننا سنلتقي، وهذا كان اللقاء الأولي الذي طُرح فيه مشروع المجلس الوطني السوري، والدكتور عبد الرحمن الحاج أيضًا كان موجودًا، ومجموعة من الأسماء الأخرى، لم أعد أذكر التفاصيل.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/04/24
الموضوع الرئیس
الحراك الكردي في سوريةكود الشهادة
SMI/OH/88-02/
رقم المقطع
02
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011
المنطقة الجغرافية
محافظة الحسكة-عامودامحافظة دمشق-القابونشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)
حزب العمال الكردستاني
المجلس الوطني السوري
المجلس الوطني الكردي
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
هيئة الإغاثة التركية IHH
حزب الله اللبناني