المجلس الوطني بنسخته الأولى، اللقاء التشاوري في الدوحة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:50:04
انطباعي عن اللقاء الأول، طبعًا نحن المجموعة الأولى قبل أن نصل إلى المجموعة المعروفة باسم "مجموعة الـ 74"، المجموعة الأولى كان طابعها أكاديميًا أكثر الشيء إضافة إلى المستقلين، وهناك بعض الأشخاص يعرفون بعضهم، وهناك بعض الأشخاص كنا نعرف عنهم، وهناك بعض الأشخاص تعرفنا عليهم، فالذين كنا نعرفهم هم الذين زكوهم. ومن بين الموجودين كان الدكتور لؤي صافي، وأتصور أنه كان حينها رئيس المجلس السوري الأمريكي، وكان لهم دور كبير في اللقاء على اعتبار أنهم منظمون وجاهزون ولديهم إمكانات مادية، وأتصور أنهم هم الذين اختاروا، وأحضروا مجموعة من أمريكا كانت موجودة، وكذلك الدكتورة بسمة قضماني كانت موجودة، ونجيب غضبان، ورضوان زيادة، وأظن عبد الرحمن الحاج، بالنسبة لرضوان والله لم أعد أذكر إذا كان ضمن هذه المجموعة أو غيرها ليس لدي تفاصيل، ربما الدكتور عبد الرحمن حاج يعرف التفاصيل لأن الأسماء عنده، وعماد الدين رشيد كان موجودًا، وربما كان معه شخص آخر أو شخصان.
لم تكن القضية توجّه [في الابتعاد عن الشخصيات السياسية الكلاسيكية]، ولكنني أتصور أن هؤلاء هم الذين كان لديهم همّ بأننا يجب أن نعمل لنصل إلى شيء، وعلى العكس السياسيون لم يكونوا يأتون، والأحزاب الكردية رفضت أن تحضر مؤتمرات المعارضة، وبالنسبة للإخوان [المسلمين] ربما كانت لديهم توجهات أخرى، وحينها لم يكن هناك "إخوان" بيننا وحسب معلوماتي الذين كانوا موجودين لم يكن واضحًا وظاهرًا أنَّ هناك أحدًا منهم إلى جانب "الإخوان"، وكان هناك حرص على أننا يجب أن نصل إلى شيء. أحضرنا الخارطة السياسية السورية والخارطة المجتمعية، و[تناقشنا حول] كيف سنتحرك؟ وكيف سنتواصل؟ وكان هناك إصرار على التواصل مع الجميع، فنحن لا نريد إبعادهم، بمعنى إنها كانت نوعًا من الخميرة الأساسية التي تحاول الجمع مع السوريين، وأتصور أنهم أدوا عملهم كما ينبغي.
أنا على الصعيد الشخصي لم أكن أشعر بأنَّ هناك اهتمامًا دوليًا كما ينبغي بالشأن السوري، فخلال عدة أشهر تعرضنا للاغتيالات وحالات القتل بحق المتظاهرين في الداخل السوري، ومع ذلك لم تكن هناك حركة، فلا توجد مواقف دولية، ولا توجد مواقف إقليمية، وحتى عربيًا كنا نعاني كثيرًا من هذه المسألة. ولكن مع ذلك كنا نشعر أن هناك شيئًا يجب علينا القيام به، ويجب أن يكون للثورة عنوان وتمثيل، فأُقيمت مشاريع، وأنتم تذكرون أن بعض الناس أخذوا مبادرات، وأعلنوا أسماء من عندهم مثل ضياء دغمش، ولكنها كانت مبادرات ذاتية لم تصل إلى مكان. وضمن المجموعة التي كنا فيها: "مجموعة الـ٢٥" - أنا أخاف أن أنسى بعض الأسماء - كان هناك مثلًا منى الجندي من أمريكا، ياسر طبارة، وائل ميرزا، فهناك بعض الأسماء، وكذلك مصطفى صباغ كان موجودًا.
اللقاءات التي حصلت في البداية لم يكن لدي فكرة عنها، فربما قسم منهم في السعودية كانت قد حدثت لقاءات بينهم، أقصد الجالية السورية التي كانت في جدة، لأن مصطفى صباغ كان في جدة، وهشام مروة بالمناسبة كان موجودًا معنا أيضًا، وخالد خوجة أظن أنه في تلك المجموعة لم يكن موجودًا، جاء بعد ذلك. ولكن هناك لقاءات ربما حدثت في جدة، وهناك لقاءات حدثت في أمريكا، أقصد بأنها لقاءات بين السوريين، وبناءً على علاقاتي مع نجيب غضبان ومع بعض الأصدقاء الآخرين دُعيت، وعلى أساس أن أكون موجودًا، وكنت الشخص الكردي الوحيد الموجود بينهم. ودار حديث، وأتصور أنه كان حديثًا عميقًا وأكاديميًا، وكيف سنتواصل؟ وتناقشنا، وتحاورنا، وأحيانًا كنا نترك الاجتماع ليتحول الموضوع إلى ما يشبه المحاضرة، وسألوني مرة أو مرتين عن الموضوع الكردي، وكانت هناك أسئلة وأجوبة، وحتى إنني كنت أضعهم في صورة ما يجري.
بعد ذلك حدثت اتصالات، وعلمنا أن هناك بعض الأشخاص الآخرين يعملون في المجموعة، وفي إحدى المرات جاءنا منهم نوفل الدواليبي حين جاء في وفد من السعودية، وكانوا يريدون أن يلتقوا، وحينها أنا الذي قابلتهم، فالدكتور لؤي لم يكن موجودًا.
وجهة نظري كانت حينها: أنَّنا في سورية نريد أن نركز على المشروع الوطني السوري، وخاصةً بعد أن خرجت إلى السويد، فإن الشخص يطلع على التجربة الأوربية ويشهدها، فقلت لهم: "إن الأحزاب الدينية والقومية لا تصلح لبلد مثل بلدنا، نحن نريد أحزابًا وطنية تطرح مشاريع وطنية، وضمن المشروع الوطني مثلًا يركزون على بعض الفئات والمكونات التي تعاني من وضع اضطهادي خاص، ويتبنون هذا الموضوع، ولكن على أن يكون الحزب حزبًا وطنيًا سوريًا".
في اليوم التالي، وكان هناك ضمن وفد نوفل الدواليبي بعض الأكراد، حيث جاء معه شخص أو شخصان وأنا أعرفهما، ولا داعي لذكر أسمائهما، وعلى ما يبدو أنهما قد سجلا صوتي وأنا أتحدث، وفي اليوم الثاني نشرا: "عبد الباسط سيدا يساوي بين حزب البعث الشوفيني وبين الأحزاب [الكردية] الوطنية المناضلة"، وبينما أنا [أقول إنني] من حيث المبدأ لا أريد أحزابًا قومية، هم [يقولون] إنني أساوي بين حزب البعث والأحزاب الكردية. فهمت حينها أنَّ هناك لعبة، وأنهم يريدون بأي ثمن أن يفرقوا بين الأكراد والسوريين؛ لذلك بقيت حريصًا على المحافظة على هذه العلاقة بأي ثمن، ولا أريد التخلي عنها، فقضية الوحدة الوطنية السورية يجب أن نؤكد عليها.
بالنسبة للتوافقات، وخاصةً بعد الاعتماد على شعارات الثورة الوطنية، مثل: "الشعب السوري واحد" و[أسماء] أيام الجمع التي تظاهروا فيها، من ناحيتي كنت أركز على المشروع الوطني السوري، وبعد ذلك ناقشنا [قضية] الدولة العلمانية أو المدنية، وكانت نتيجة النقاشات أن مفهوم العلمانية عند الكثيرين صار يقابل الإلحاد والزندقة، ونحن نريد أن نأخذ الجانب الوظيفي الأساسي بغضّ النظر عن التسمية، بمعنى أن هناك شيئًا من الفصل بين الدولة كجهاز إداري وبين الناحية الدينية أو القومية، وبالتالي الجهاز الإداري يكون للجميع، وتناقشنا، ووصلنا إلى مسألة اعتماد مشروع الدولة المدنية. هناك تفصيلات كثيرة، لا أذكر متى ناقشناها، وكيف توصلنا [إليها]، ولكن كان هذا هو الاتجاه بأن يكون هناك مشروع وطني لكل السوريين، والتأكيد على مدنية الدولة، والتأكيد على أن القضية الكردية هي جزء من القضية الوطنية العامة في سورية، وهناك موقف واضح من هذا الموضوع. تلك هي النقاط الأساسية والخطوط العريضة، وهناك تفصيلات أخرى، مثلًا: موضوع النظام والموقف منه، ففي تلك المرحلة كنا قد وصلنا لمرحلة إسقاط النظام، فالتوجه وخاصة في المظاهرات التي تخرج، كان مشروع إسقاط النظام.
موضوع التدخل الخارجي لم يكن محسومًا بأن نطالب بالتدخل الخارجي، ولو أنَّنا كنا نُتهم بتلك التهمة، ولكن [هذا الموضوع] لم يكن مطروحًا؛ لأنَّنا لم نكن نرى في الأصل اهتمامًا دوليًا جاهزًا بمجرد أن تخرج كلمة من طرفنا فيحصل تدخل في اليوم الثاني، لم نكن في هذه الصورة.
[بخصوص] مجموعة أحمد رمضان، على ما يبدو أن هناك لقاء كان يحدث في فندق آخر بين [أفراد] هذه المجموعة، وأتصور أننا التقينا معهم حينها في وفد صغير، ومجموعتنا لم تكن مجموعة كبيرة. عندما ذهبنا إلى هناك التقينا مثلًا مع عبيدة [نحاس] حيث كان موجودًا وكنت أعرفه، وأحمد رمضان كنت قد التقيت به قبل شهرين أو ثلاثة في المؤتمر الذي حصل في نيسان/ أبريل (المقصود "لقاء اسطنبول من أجل سوريا" المنعقد في 26 نيسان/ أبريل 2011 – المحرر)، وقدّم نفسه لي على أساس أنه مسؤول مجموعة العمل الوطني (تأسست حركة العمل الوطني من أجل سورية في 18 نيسان/ أبريل 2011 – المحرر)، وكان معهم محمود عثمان. وفي هذا اللقاء رأيت خالد خوجة أيضًا حيث كان موجودًا، وكنت أعتقد أنَّ خالد خوجة معهم، وكنت قد التقيت به في مؤتمر نيسان/ أبريل (المقصود "لقاء اسطنبول" – المحرر) مع أحمد رمضان، وبعد ذلك تبين لي أنَّ أحمد رمضان هو الذي دعا خالد خوجة، وحسب ما حدثني خالد خوجة بأنه كان عنده علم بأنَّنا سنذهب إلى هناك، وحين جاء ظهر وكأنَّه مع المجموعة، ولكنه عمليًا لم يكن مع المجموعة. وأتصور أن الدكتورة بسمة قضماني كانت معنا، وهشام مروة ربما كان معنا، لا أعرف من هم الآخرون.
لؤي صافي أذكر أنه لم يكن يميل كثيرًا لنقيم هذه العلاقة (المقصود العلاقة مع مجموعة أحمد رمضان – المحرر)، وكأنه كان متحفظًا على تلك المسألة، وأنا شعرت بهذا. وعلى اعتبار أنه لا توجد هذه المعرفة العميقة بيننا، لم نتكلم في هذا الموضوع، ولكنني رأيت أنَّه لم يكن متحمسًا كثيرًا لهذه العلاقة. عندما جئنا، كنت واحدًا من الناس الذين رأوا أن مجموعتنا الأكاديمية صحيح أن لديها أفكارًا وتقوم بمشاريع، ولكنها غير قادرة على التنفيذ، بينما هناك (في المجموعة الأخرى – المحرر) يوجد جانب عملي، وعادةً من يعمل في الأحزاب السياسية - وأنا أعرف طبيعة الأحزاب السياسية - عليه أن يكون عمليًا، ويكون هناك تواصل، وليس في الجانب الأكاديمي فقط.
تناقشنا فيما بيننا أنَّ هؤلاء إذا وحّدنا جهودنا معهم فسيكون أفضل، ومن المجموعة الثانية كان هناك حسان الهاشمي أيضًا، ولم يكن يعترف أنَّه من الإخوان [المسلمين]، ولكن معلوماتنا كانت تقول إنه ينتمي للإخوان، وهذه أيضًا كانت جزءًا من الخلافات، وكذلك أحمد رمضان كان ينكر وعلى أساس أنهم ليست لهم علاقة بالإخوان، ومثلًا: عبيدة النحاس كنت أعرف أنَّه من الإخوان، ولكنهم كانوا يقدمون أنفسهم على أساس أنَّهم تركوا الإخوان، وصاروا مجموعة عمل وطني لوحدهم.
المهم أنه في هذا الاتجاه حدث تلاقٍ، وبخصوص الموقف من الإخوان [المسلمين]، وحتى نكون واضحين أننا لسنا ضد الإخوان كإخوان، وفي المجموعة الأكاديمية الأولى الإخوان الرسميون لم يكونوا موجودين، ولكن حين ذهبنا إلى مجموعة العمل الوطني كانت هناك شكوك أنَّ بعض الإخوان موجودون. ولكن ضمن إطار فكرة المشروع الوطني، وأنا دافعت عن وجهة النظر هذه مع الجميع، حتى مع الأجانب والعرب، بالنسبة لسورية إن الذي يوحدنا يجب أن يكون مشروعًا وطنيًا، وفي هذا المشروع يجب أن يكون هناك مكان للجميع، للعلمانيين ولليساريين وللمتدينين، ولكل القوميات ولكل السوريين، فهذه هي اللوحة السورية في نهاية المطاف، وهكذا كان التوجه. ربما كنا مثاليين أو متفائلين أكثر من اللازم، ولكن بتصوري هذا هو الصحيح، وأما التطورات التي حدثت لاحقًا والخلافات التي حصلت فهذه مسألة ثانية، وبالتالي وحّدنا الجهود، وأصبحنا مجموعة نعمل فيها مع بعضنا، وأصبحت هي المجموعة التي تؤسس المجلس الوطني.
والله أتصور أنه كانت هناك عدة أسماء، ولكن بعد ذلك صار هناك توافق على "المجلس الوطني السوري"، وكان بشكل عام اسمًا يتناسب مع فكرة المشروع الوطني الذي نركز عليه، فنحن نريد أولًا أن نركز على الجانب الوطني والسوري، وليس الجانب الديني والقومي، فأتصور أنه (أي الاسم) عمل أريحية، وربما في إعلان دمشق أحيانًا عندما أقوم بمراجعات، في إعلان دمشق استخدموا كلمة "المجلس الوطني"، وربما الشيوعيون في فترة من الفترات، فربما كان جزءًا من الموروث السوري. طبعًا المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا هو أيضًا تأسس، ولكن هل أخذنا منهم أم لم نأخذ؟ لا أتصوَّر أن هذه الفكرة [صحيحة]، والذي أذكره أنه لم تكن هناك عملية تقليد، وإنَّما نوع من التوافقات بعد النقاشات التي حصلت.
طبعًا الدكتور برهان [غليون] إذا كنا نذكر فإنه حينها كان له دور أساسي بالنسبة للوضع السوري، وكانت العيون عليه، وخاصةً أنه شخصية أكاديمية معروفة وكذلك لقاءاته في التلفزيون، وكان شخصية محبوبة من قبل كل السوريين. وكان هناك نوع من الإجماع على برهان غليون، بمعنى أنه يجب أن يكون ضمن هذا المشروع، وحتى إن الكل كان متوافقًا قبل التأسيس بأنَّ برهان إذا جاء فسيكون هو رئيس المجلس، أتصور هكذا كان المناخ العام بيننا.
كُلفت حينها بالتواصل مع الأحزاب الكردية، فهذه كانت مهمتي (الأحزاب الكردية)، وبعض الأصدقاء الآخرين كُلِّفوا بالتواصل مع إعلان دمشق ومع الإخوان [المسلمين]. [بالنسبة] للأحزاب الكردية فإنني وجهت الدعوة للجميع، وأرسلت "إيميلات" وأرسلت برنامج المجلس الأولي أو التوجه الأولي، وحدثتهم أنَّ الموضوع سيكون بإسقاط النظام. وطبعًا كيف كان توجهنا حينها؟ أن عدد أعضاء المجلس سيكون بحدود 56 أو 60، وليس أكثر من ذلك، هكذا كانت الفكرة، وفي وقتها توافقنا على أساس أن تكون نسبة الكرد تقريبًا أتصور أننا اتفقنا على 6 أعضاء أو 7 أعضاء.
تواصلت حينها مع الأحزاب الكردية، ولم يكن المجلس الوطني الكردي قد تأسس بعد، وراسلت الجميع ما عدا حزب الاتحاد الديمقراطي، وأظن أن رسائلي موجودة في الأرشيف، وهم يعرفون ذلك. أرسلت للجميع [قائلًا] إنَّ الفكرة هي انضمام 6 أعضاء كرد يجب أن يكونوا موجودين، ومقترحي هو التالي: برأيي أن تأخذوا عضوين يمثلان الأحزاب الكردية، حتى إن الفكرة كانت بأن يكون أحدهما من هيئة التنسيق والآخر من إعلان دمشق، وشخصيتان مستقلتان، واثنان من التنسيقيات الشبابية. كان هذا اقتراحي، ولم يأتني رد، ربما جاءني الرد من حزب واحد، بينما الأحزاب الأخرى لم ترد، وأكثر تواصلي كان مع عبد الحكيم بشار على اعتبار أنه كان الأمين العام لأكبر حزب وهو الحزب الديمقراطي الكردي في سورية، وكانوا في إعلان دمشق ولهم تأثير، وهناك صداقة قديمة، وهو من عامودا وأعرف أهله. ولكن [عبد] الحكيم لم يرد عليَّ بشيء، ثم أرسلت له رسالة ثانية، وقلت له: "هذا التوزيع الذي اقترحته أنتم تصرفوا به، فإذا أردتم أن تضعوا 6 أعضاء حزبيين كلهم، ولا يكون هناك دور للمستقلين، أو أن تضعوهم جميعهم مستقلين"، حتى إنني قدمت تجربة حنان عشراوي والمجموعة التي ذهب أفرادها ليتفاوضوا في أوسلو، بمعنى إذا تحقق شيء فهو لكل الكرد، وإذا لم يتحقق تقولون: "الجماعة مستقلون، وليس لنا علاقة بهم"، فيكون مخرجًا نوعًا ما، أو أن يكونوا من الشباب من التنسيقيات، المهم كنت أريد أن أحضرهم.
بالنسبة لمشعل تمو لم أتواصل معه، سنكون واضحين بالنسبة لهذه المسألة، لماذا؟ السبب هو أنَّني أعرف أنَّ مشعل مع الثورة عاجلًا أم آجلًا، ولكن المشكلة أنه كانت هناك حملة رهيبة على مشعل، وإذا كنت تريد أن تحضر مشعل فهؤلاء لن يأتوا، إلى تلك الدرجة كان هناك تحامل؛ لأن مشعل أيضًا كان قاسيًا عليهم، بمعنى أنه كان ينتقدهم بعبارات قاسية، وهو مع الثورة على طول الخط، لذلك كانت هناك قطيعة بينهم. وإذا أردت أن تحضر مشعل فإن عبد الحميد درويش وعبد الحكيم بشار لن يأتيا، هذا هو الوضع الذي حصل، لذلك عبد الحكيم لم يجب، **__** وكلما أرد له (...)، فإذا أراد أن يرفض هو غير قادر على الرفض لأنَّ ذلك سيُسجَّل عليه، وعلى ما يبدو أنه ليست لديه موافقة. أرسلت له 7 أو 8 رسائل، ولم يجب.
برهان [غليون] كنا نحاول أن نحضره، وتواصلنا معه، ولكنه كان مترددًا، لا أعرف [لماذا]، وأنا لم أكن أتواصل مع برهان، أتصور أن بسمة كانت هي أكثر من يتواصل معه، إضافة إلى بعض الشخصيات الأخرى. وأذكر أنه في إحدى المرات ربما جاء إلى المطار، ولم يأتِ في اليوم الذي كان من المفترض أننا سنعلن فيه عن فكرة المجلس الوطني وعن بعض الأسماء. وكنا قد اتبعنا سياسة [السير] خطوة خطوة، فنحن أردنا أن يستعد الناس للإعلان النهائي عن المجلس، فعقدنا في البداية اجتماعًا علنيًا و[قلنا] إن لدينا فكرة المجلس (انعقد الاجتماع في 21 آب/ أغسطس 2011 – المحرر)، وحينها أظن أن بسمة كانت موجودة، وأحمد رمضان، وحسان الهاشمي، وأديب شيشكلي، فهناك بعض الأسماء، وأنا كنت موجودًا، وحين جلسنا بدأنا نناقش الموضوع. برهان كان مترددًا ولم يأتِ، وفي اليوم الذي كنا نريد أن نعلن الأسماء، وأنا ربما كنت من قرأ أسماء الأعضاء الذين سيكونون، ولم يكن برهان موجودًا أيضًا.
حسب ما أعرف أنَّ التواصلات مع إعلان دمشق كانت تتم، والتواصلات مع الإخوان المسلمين كانت تتم، والإخوان المسلمين كانوا مترددين، ولكن بعد ذلك تبيَّن لي أنَّه ربما يكون سببًا من الأسباب هو الخلاف الحلبي الحموي بطريقة ما، فربما أحمد رمضان كان قريبًا من [علي صدر الدين] البيانوني وعبيدة النحاس، وبالنسبة لفاروق طيفور – أبو بشير فقد كان لديه توجه آخر ومنحى آخر. أتصور في البدايات طرحنا أن يكون هناك تواصل مع هيئة التنسيق أيضًا؛ لأنهم ليسوا بعيدين، وحتى مع إعلان دمشق، ولكن المشكلة أنني لست من كان يتواصل معهم، والذي فهمناه في نهاية المطاف أنهم تواصلوا مع رياض الترك نفسه، واقتنع، وفي إحدى الليالي تحدثوا وقالوا: "اقتنع رياض الترك أيضًا".
طبعًا الإخوان المسلمون وإعلان دمشق جاؤوا بعد لقاء الدوحة، وليس قبله (انعقد اللقاء التشاوري في الدوحة في 5 أيلول/ سبتمبر 2011 – المحرر)، ولكن الكتلة التي أعلنا عنها "الـ 74" والأسماء التي قرأناها، كان فيها من الجانب الكردي على اعتبار أنني كنت أتابع الموضوع. وحين لم يحصل تجاوب مع الرسائل التي وجهتها بصورة رسمية للأحزاب، ونبهتم أن المسألة فيها إسقاط النظام ولم يتفاعلوا، تواصلت بطريقة شخصية مع بعض قياداتهم الذين كانوا موجودين خارج سورية. وهناك حزبان قالا بصراحة: "نحن سنكون مع المجلس"، وهما حزب آزادي الكردي الذي كان اسمه الحزب اليساري الكردي عندما كنت فيه، وتواصلت معهم على اعتبار أنه كانت لدي علاقة مع قياداتهم، واشترطت عليهم أن يأتوا بموافقة الأمين العام للحزب، بمعنى أن حزبك يدعمك بهذا الاتجاه، فهؤلاء انضموا، والذي انضم هو خليل كرو وكان معروفًا أنه ممثلهم لدينا في المجلس. وكذلك حزب يكيتي الكردي الذين كان يمثلهم عبد الباقي يوسف، وهو عضو قيادي في اللجنة السياسية، وأيضًا أحضر موافقة الأمين العام لحزبه المرحوم إسماعيل حميد. .
تواصلت أيضًا مع التنسيقيات الشبابية الكردية كخطوة ثانية بعد أن رأيت أن الأحزاب ليس لها دور، وأحضرنا ممثلي 3 تنسيقيات، فكانت لدينا تنسيقية آفاهي وكانت متواجدة أكثر شيء في عامودا ومناطقها، وهم الذين كانوا ينظمون المظاهرات، وكان هناك اتحاد شباب التنسيقيات الكردية، لم أعد أذكر الاسم بالضبط (اتحاد تنسيقيات شباب الكرد في سوريا – المحرر)، وهناك تنسيقية سوا (ائتلاف شباب سوا – المحرر)، هؤلاء أيضًا كانوا موجودين، وهناك بعض الشخصيات المستقلة التي أحضرناها.
بعد أن تبلورت فكرة المجلس [الوطني] والاتصالات، حددنا تقريبًا حسب ما أتذكر، أواسط أيلول/ سبتمبر [2011] على أساس أن نعلن عن المجلس، وكنا قد وزعنا العمل؛ قسم يتواصل مع إعلان دمشق ومع هيئة التنسيق ومع الإخوان [المسلمين] ومع الأحزاب الكردية والتنسيقيات، وأنا كلفني الإخوة بالتواصل مع الأحزاب الكردية والتنسيقيات.
ونحن في خضم هذه المسألة، جاء حازم نهار في زيارة إلى اسطنبول، ولم أكن قد التقيت به، ولكنني سمعت عنه من خلال كتاباته، فالشخص حين تقرأ له وتعرف من هو، تشعر بأنَّك تعرفه حتى لو أنَّك لم تلتقِ به. دار حديث، وتحدث مع الإخوة الآخرين، وكانت فكرته [كما تحدث عنها] "إنَّ السوريين كلهم بانتظار المجلس الوطني، وهناك محاولات تجري في عدة أماكن، وغدًا حين تخرج 3 أو 4 مجالس لن تكون المسألة مفيدة بالنسبة للثورة، فالثورة بحاجة إلى قيادة واحدة. وأنا برأيي، وخاصةً أن الأحزاب الأخرى، مثلًا: [أعضاء] إعلان دمشق غير موجودين، وهيئة التنسيق غير موجودين، وبالتالي برأيي أن نجتمع في الدوحة، تأتون إلى الدوحة، ونتناقش معًا".
رأينا أنَّ الفكرة سليمة، وليست خاطئة، وحتى إنه من بين الأحاديث صارت لدينا فكرة أن نصدر ما يشبه البيان بأنَّ المباحثات مستمرة، وحتى إننا كلفنا حازم أن يكتب بنفسه البيان كنوع من تيسير العلاقات إذا صح التعبير، وكي لا تكون هناك حساسية، فنحن نعرف أن حازم ميوله كانت مع هيئة التنسيق. وطبعًا هو كتب [البيان]، وكان البيان جيدًا وموفقًا، ولا أذكر الآن النص والتفصيلات، ولكن الشخص حين يرجع للأرشيف يرى ذلك.
حددوا موعدًا للذهاب إلى الدوحة (انعقد اللقاء التشاوري في الدوحة في **5** أيلول/ سبتمبر **2011** – المحرر)، و[بالنسبة] للقاء ربما لم تكن الفكرة أنَّ المركز العربي للأبحاث [ودراسة السياسيات] هو الذي يشرف ويتبنى، وإنما يسهّل عملية اللقاء، فأنت تعرف السوريين، كانت أوضاعنا صعبة جدًا، فالذي في الداخل كيف سيخرج؟ وكيف سنتواصل؟ والمسائل المالية واللوجستية؟ كل هذه المسائل كانت مشكلة وعقبة، وبالإضافة إلى ذلك هناك أشخاص لا يعرفون بعضهم، فنحن سمعنا عن هيئة التنسيق وعن شخصياتهم، ولكن لم نلتقِ بهم، فهنا توجد الكيمياء الشخصية وهنا العلاقات التي تؤثر، وبالنسبة لإعلان دمشق نفس الشيء. أذكر أنهم كلفونا حينها نحن اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني السوري، وهذا كان اسمنا، وليس مجموعة الـ 74؛ لأننا بعد ذلك أخذنا هذا الاسم، أما في البداية، وعلى اعتبار أنَّنا نؤسس لفكرة المجلس الوطني، فإننا خرجنا باسم اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني السوري، وأتصوَّر أننا كنا 6 حسب ما أذكر إذا كنت دقيقًا، كانوا مشاركين في لقاء الدوحة. وأتصور أنه كان هناك أحمد رمضان، وعبيدة نحاس، وعماد الدين رشيد، ولا أعرف ربما وائل ميرزا كان موجودًا، هم يعرفون، وهذه الأسماء كانت موجودة أيضًا.
ذهبنا إلى هناك، وكانت أول مرة ألتقي فيها بمجموعة من الشخصيات، مثلًا: سمير نشار كانت أول مرة ألتقي به ولم أكن أعرفه، وفايز سارة كنا نسمع عنه ونقرأ له، وكان يظهر على التلفزيون كثيرًا في تلك الفترة؛ لذلك الشخص يأخذ فكرة [عنه]، وبالنسبة لعبد المجيد منجونة أيضًا لم نكن نعرف بعضنا، ولكن سمعنا عنه، ورجاء الناصر كان موجودًا، وربما شخص آخر أيضًا من هيئة التنسيق لم أعد أذكر من كان، وجبر الشوفي كانت أول مرة ألتقي به، والدكتور برهان [غليون] كان موجودًا. الدكتور برهان طبعًا كنت قد التقيت به أكثر من مرة، ففي العام 2005 أذكر أننا شاركنا في نشاط في الجمعية الوطنية الفرنسية بعد انتفاضة القامشلي، انتفاضة آذار 2004، وتحدث حينها عن وضع الديمقراطية من وجهة نظر عربية، وتحدثت أنا من وجهة نظر كردية عن تصور المعارضة للديمقراطية، وهو معروف كأكاديمي من خلال كتاباته، وبعد ذلك التقينا مرة ثانية في مناسبة أخرى، ففي مؤتمر الإنقاذ التقينا أيضًا.
وجاء قسم من شباب التنسيقيات، جاؤوا بهم، وأظن أنه كانت هناك مروة الغميان، وكذلك مجموعة من الشباب، لم أعد أذكرهم، ولكن الشباب كانت وظيفتهم بشكل أساسي كما فهمنا، نوعًا من التحريض والدعم، وأنه "يجب أن تلتقوا"، بمعنى ممارسة الضغط على السياسيين كي يصلوا إلى شيء، وأتصور أنه كان موقفًا مطلوبًا ومفيدًا.
هيئة التنسيق وإعلان دمشق واللجنة التحضيرية للمجلس الوطني السوري، هؤلاء هم الذين كانوا موجودين. وعلى اعتبار أنني كنت حساسًا للموضوع الكردي، ليس تعصبًا وليس لأنَّني كردي، وإنما لأنَّني أعرف أنَّ هذه الورقة ستُستغل، وأعرف ماذا يخطط النظام، فقد كانت هناك معلومات بأنه سيُحضر حزب العمال [الكردستاني]، فحتى لا نعطيه المبررات، كما كنت مؤمنًا بفكرة المشروع الوطني السوري الذي يحترم جميع الخصوصيات وكل الحقوق بغض النظر عن الدين والمذهب والطائفة، وكنت قد تحدثت عن ذلك في المقابلات، وكتبت حول هذا الموضوع قبل الثورة بسنوات، لذلك سألتهم: أين الأحزاب الكردية؟ فمن المفترض أن يكونوا موجودين. وحينها تحدثوا في هيئة التنسيق وإعلان دمشق [وقالوا:] "إنَّهم موجودون عندنا، وهم موزعون بين إعلان دمشق وهيئة التنسيق، ونحن نمثلهم"، فقلت لهم: "حسنًا، على الأقل شخص يمثلهم يكون موجودًا معكم في الوفد، فهذه الأحزاب لها حضور ولها تأثير، وحتى لا يحدث قيل وقال". لا أعرف ماذا كان جوابهم، المهم أننا تناقشنا في الموضوع.
حينها لم يكن هناك المجلس الوطني الكردي، وكانت هناك أحزاب تُخرج أحيانًا بيانات باسم "مجموعة الأحزاب الكردية"، فيعطون لأنفسهم شيئًا من الخصوصية، ولكنهم تنظيمياً كانوا موزعين بين الإطارين، وطبعًا هناك أحزاب غير مشاركة لا في إعلان دمشق ولا في هيئة التنسيق، منهم مثلًا: تيار المستقبل [الكردي] مشعل تمو رحمه الله، فهو لم يكن في أحد الإطارين ولم يكن ممثَلًا. لذلك قلت: "هنا يجب على الشخص أن يراعي هذه المسألة؛ لأن هناك حساسيات، ونحن مازلنا في البدايات والشعارات وطنية، وعلينا أن نطمئن جميع السوريين"، فأنا دائمًا أقول: "إن المشروع الوطني من المفترض أن يطمئن جميع السوريين. فإذا كان العلوي خائفًا من أن تُرتكب مذابح بحقه مستقبلاً، فمن سيقنعه؟! وكيف سيأتي ويطالب بالتغيير الحقيقي؟ نعم هناك مجموعة من الأفراد، ولكنها لا تُحدث ظاهرة عامة. وكذلك بالنسبة للمسيحين والدروز والأكراد، وبالنسبة للجميع".
برهان طبعًا كان موجودًا كشخصية اعتبارية ومحترمة من قبل جميع السوريين، ولم يكن هناك إشكال حول الدكتور برهان، وحتى إنه تقريبًا كانت القناعة والإحساس عند الجميع - بتصوري - هو أنّ أي جسم سيتشكل، فسيكون برهان على رأسه.
في جلسة من الجلسات جاء الدكتور عزمي بشارة، ليس من باب "هكذا يجب أن تفعلوا"، ولكن كانت لديه وجهة نظره، وكانت وجهة نظره "أن تشكلوا قيادة مؤلفة من 15 شخصية، يمثلون تيارات سياسية ومكونات مجتمعية وشخصيات مستقلة، وهذه تكون بمثابة قيادة الثورة السورية، ففكرة المجلس [الوطني] ليست عملية". ونحن مجموعة اللجنة التحضيرية للمجلس دافعنا عن رأينا، وأنا كنت متشددًا جدًا، وكنت أناقش بمنطق مع الدكتور حازم ومع البقية بأنَّه ليست لدينا المشروعية؛ لأن وضعنا الأساسي الذي كنا نعاني منه في البدايات هو أنه حين بدأت الثورة لم تكن لدينا أحزاب قوية، ليس لدينا أحزاب تلتزم ببرنامج الثورة مباشرة، وتسير وفقها وتقودها، أو تضع استراتيجيتها، فالأحزاب الموجودة مترددة وخائفة، والشخص يقدّر ظروفها، فهي عمليًا تمارس نشاطًا شبه علني، والنظام دموي جدًا،
الأحزاب الكردية كانت أحزابًا مطلبية، وليس لديها مشروع تغيير السلطة، بل لديها مجموعة من المطالب: لدينا قضية كردية، ولدينا اضطهاد، ولدينا حقوق ليست موجودة وهي حقوق مشروعة، عندما تناقشها مع أي إنسان لا أتصور أن هناك أحدًا يمكن أن يرفضها، وهم يقولون: "[يهمنا] الذي يضمن لنا هذه الحقوق، وليس لدينا مانع كائنًا من كان في الحكم".
"إسقاط النظام" جاء مع الثورة، ولم يكن موجودًا، [جاء] من الشارع، كذلك تغيير العلم، وذلك عندما صار هناك تبنٍّ لعلم الثورة. وفي البدايات أذكر، ولو تجاوزنا قليلًا الإطار الزمني، فإنه طُرح في المجلس الوطني أن نلتزم بعلم الثورة وبعلم مغاير لعلم النظام، ولكن لم يكن هناك هذا التوجه، [وقالوا:] إننا لا نقوم بهذه الإشكاليات، فهناك مسائل ورموز وطنية علينا أن ننتظر قليلًا [بخصوصها] كي لا تُحدث المزيد من الانقسام. وبعد ذلك فُرض علم الثورة، ولم يكن ذلك بقرار من المجلس الوطني بأننا قررنا أننا سنعتمد هذا العلم، وإنما في الساحات صاروا [يرفعونه]، ولذلك صار هناك التزام به. تمامًا مثل موضوع الجيش الحر، فبالنسبة للجيش الحر لم يصدر قرار عن المجلس الوطني بأننا سنؤسس الجيش الحر، بل صارت عمليات انشقاقات، وأعلنوا عن أنفسهم، وعندها أصبحنا أمام الأمر الواقع؛ فإما أن تؤيد الجيش الحر وتحاول أن تبني علاقة معه، أو أن تتجاهله، فبعض الناس يظنون أنَّنا أخذنا قرارات، وأسسنا، ولكن لم يكن الوضع كذلك.
نعود للقاء الدوحة، كانت الفكرة الأساسية أننا إذا شكلنا المجلس [الوطني]، فمن خلاله سنوسع دائرة التمثيل، ونأتي بمكونات سياسية ومكونات اجتماعية شبابية بالدرجة الأولى. وتبيّن لنا أثناء النقاشات أنَّنا سنعتمد على شرعية الإنجاز، فإذا لم تكن لديك شرعية انتخابية ديمقراطية، أو شرعية ثورية كالتي تستند إليها الأنظمة الانقلابية، فتكون شرعية الإنجاز من خلال عملنا وتفاعلنا مع الناس، تلك كانت وجهة نظرنا، ودافعنا عن هذا الرأي. ربما الآن إذا سألتني بعد هذه المرحلة، [أقول إن] عند السويديين قولًا مأثورًا: "حين تكون ورقة الأجوبة الصحيحة في اليد، فإنه بإمكانك أن تحلّ ورقة الامتحان بشكل جيد"، ولكننا حينها لم نكن نعرف ما الذي سيحصل.
الآن لو سألتني، وكنت قد قلتها مرة للدكتور عزمي في لقاء خاص من اللقاءات الشخصية، قلت له: "إنني الآن أفكر بأننا لو عملنا برأيك حينها، ربما كان ذلك أفضل"، فإن 15 شخصًا منسجمين ومتآلفين في تلك المرحلة [سيكونون أفضل] على الأقل إلى أن نتجاوز تلك العقبة، ونفكر في الحل الآخر، أما قضية أنك تريد أن تمثل [السوريين]، فإنها كانت صعبة جدًا في الظروف التي واجهناها، وما هي المعايير. المهم أننا مع ذلك بقينا متمسكين بوجهة نظرنا حينها، وكنا قد قمنا بدراسات، ولم نكن نتحدث بكلام في الهواء أو نوع من الشطحات الفكرية، بل كانت لدينا خرائط للتنظيمات السياسية في البلد وللتنسيقات الموجودة وللمكونات المجتمعية، وكنا نحاول قدر الإمكان أن نقدم شيئًا يمثل كل هذا التنوع السوري المجتمعي والسياسي والثوري.
بعد ذلك ظهرت فكرة أن نشكّل ائتلافًا سياسيًا بين الأحزاب السياسية، وذلك عندما لم تفلح فكرة [أن تتشكّل] القيادة [من] 15 شخص، وفكرة المجلس أيضًا لم تمل لها الأحزاب والقوى الموجودة: هيئة التنسيق وإعلان دمشق؛ لذلك طُرحت فكرة الائتلاف السياسي، ولا أعرف من الذي طرح الفكرة هل هو برهان أم غيره، ولكن طُرِحت الفكرة. ولا أذكر آراء الإخوة الآخرين بتفاصيلها، ولكن بالنسبة لرأيي فقد كنت أرى هذا الشيء إيجابيًا ومطلوبًا، فالقوى السياسية في الأصل هذا هو عملهم، هكذا قلنا.
وأنا عندما ذهبت كنت مستقلًا، لم أكن في حزب سياسي، فأنا بقيت في حزب كردي لمدة 30 سنة وفي القيادة، وكنت الرجل الأول، ولكن نتيجة الخلافات والتباينات، ونتيجة إعادة النظر وترتيب الأفكار تركت العمل. وحين خرجت إلى ليبيا بعد عام 1991، بعد أن أخذت الدكتوراة وذهبت للتدريس هناك، الإنسان حين يبتعد عن الجو تظهر له الصورة أوضح، وتظهر الصورة كاملة، فيعيد النظر في الحسابات والخلافات. وأنا أرى أن مشكلة مجتمعاتنا هذه هي مشكلة قديمة جديدة، وهي موجودة قبل الميلاد، فهناك مجموعة أقوام تعايشت مع بعضها، وحين جاءت دول اتفاقية "سايكس بيكو" وضعوا هذه الحدود وفق مصالحهم وطروحاتهم؛ لذلك هناك تداخل. مثلًا: في سورية، يمثّل العرب الغالبية، والسنة يمثلون الأغلبية، ودائمًا أقول إنه ليس هناك خوف على تلك المسألة، ولكن لديك الأشخاص الآخرون، هناك الأكراد والتركمان والشركس والأرمن والسريان، وبالنسبة للأديان عندنا المسلمون وعندنا المسيحيون، ومن كل المذاهب موجودون، وعندنا الإيزيديون، فماذا ستفعل؟ وفي لبنان الوضع نفسه، وفي تركيا الوضع نفسه، وفي العراق الوضع نفسه. وهنا إذا لم نرسخ ثقافة الاعتراف بالآخر المختلف، واحترام الآخر المختلف، لن نستطيع أن نعيش مع بعضنا، وستكون هناك مشاكل بشكل دائم، وأنا توصلت إلى هذه القناعة منذ زمن عندما كنت في ليبيا، وكنت أكتب بهذا الاتجاه.
عندما طرحوا فكرة الائتلاف، قلت لهم: أنا مع هذه الفكرة، ولكن بالنسبة لي شخصيًا أنا لست حزبيًا، والائتلاف يجب أن يكون بين الأحزاب السياسية، وبالتالي هذا عملكم، وأنتم الآن الموجودون: إعلان دمشق وهيئة التنسيق، وكذلك الأحزاب الكردية يجب أن تكون موجودة، فلا تكونوا أنتم من يمثلهم أو لا يمثلهم، بل يجب أن يكونوا موجودين؛ لأننا شئنا أم أبينا هناك خصوصية، وكانت أيضًا فكرة أن يدعوا الإخوان المسلمين، وأن يأتي الإخوان المسلمين إلى الائتلاف السياسي.
وحين أصبحت الفكرة فكرة ائتلاف سياسي، أنا أخبرت الأحزاب الكردية، وأذكر أنني أخبرت عبد الحميد درويش وكان حينها نائب رئيس إعلان دمشق، كما أخبرت عبد الحكيم بشار وكان رئيس أكبر حزب كردي في وقتها، وقلت لهما: "حتى تكونوا في صورة الوضع، هذا الذي حصل، وعلى أساس أن يتشكل ائتلاف سياسي. وبالنسبة لي سوف أعود وسوف أترك، فنحن جئنا إلى هذه المسألة على أساس أن تتشكل قيادة للثورة، ولكن إذا كانت الأحزاب موجودة ومستعدة لأن تقوم بمهماتها فهذا هو الشيء الصحيح". وهذا كان رأيي بأن هذا هو الشيء الصحيح، ولكنني شخصيًا لا أريد أن أكون؛ لأنَّني لا أمثل حزبًا، والإخوة الآخرون في المجلس وفي اللجنة التحضيرية هكذا كان رأيهم. وأنا كنت واضحًا مع الجميع بأنني لن أكون جزءًا من هذا الائتلاف، ولكنني سأدعمه، فأنا مع هذا الرأي.
حازم النهار كان موجودًا أيضًا، كان من الميسرين، وأتصور أن معظم دوره ودور حمزة المصطفى - وكان موجودًا وهو الآن مدير تلفزيون سوريا- (المقصود في تاريخ تصوير الشهادة في **25** آذار/ مارس **2022** - المحرر) كان دورهما هو التيسير من جماعة المركز العربي للأبحاث. وهيثم مناع كان موجودًا أيضًا، أريد أن أذكر ذلك فقد نسيته، وهيثم مناع كان محسوبًا على هيئة التنسيق. وجاؤوا حينها بفكرة أن هناك بيانًا صادرًا عن الجامعة العربية ومبادرة للجامعة العربية، وفيها يجب أن يتحاور النظام مع المعارضة، وعلى ما يبدو بوسائل خاصة كتبوا بين قوسين "هيئة التنسيق"، ولم يكتبوا اسم إعلان دمشق، وأتصور أنَّ ذلك كان نوعًا من الإدخال، ولا أظنّ أن جامعة الدول العربية كانت بالصورة. حينها حصل إشكال بسيط، فلماذا هذا التسرع؟ المهم أن ذلك لم يكن نقطة الخلاف، وهذا بالنسبة للقاء الدوحة. بشكل عام لم تكن هناك تلك الحساسية في هذا اللقاء، لا علماني - إسلامي، ولا داخل - خارج، وأنا لم أشعر بها، بل على العكس كانت هناك مراهنة بأنَّ الداخل من المفترض أن يعمل ويكون فاعلًا، وهيئة التنسيق مهمة وأعضاء إعلان دمشق مهمون، والأحزاب الكردية يجب أن تأتي، والإخوان [المسلمين] بالنسبة لي شخصيًا ووجهة نظري أنه طالما نحن نقول: "المشروع الوطني السوري"، وأنا دافعت عن هذا الرأي مع الأمريكان ومع الأوروبيين ومع الخليجيين ومع الجميع، فالإخوان هم جزء من الحالة السورية ويجب أن يكونوا موجودين، ولكنهم لا يفرضون علينا وجهة نظرهم، إنما مثلهم مثل غيرهم من الجماعات والأحزاب الوطنية.
وأذكر كي أؤكد على هذا الكلام، أي فكرتي عن المشروع الوطني؛ في إحدى المرات كنا في زيارة للقاهرة بعد أن حصل الإخوان المسلمين على نسبة عالية من الأصوات، وذهبنا في وفد، وكانوا قد اقترحوا علينا باسم المجلس الوطني أن نزورهم ونهنئهم، وكان من المفترض أن يكون اللقاء مع المرشد، وذهبنا إلى جبل المقطم، وكان هناك المكتب العام للإرشاد. أخبرونا أن المرشد لسبب من الأسباب اعتذر ولم يصل؛ فقد كان في مكان بعيد، وهناك ازدحام في السير، والذي استقبلنا هو محمود عزت، ومحمود عزت شخصية معروفة بالنسبة للإخوان، وكان في السجن لفترة طويلة. طبعًا عندما جلسنا، وكان معنا في الوفد فاروق طيفور – أبو بشير وسمير نشار ربما كان موجودًا، ولم أعد أذكر الأسماء بالضبط، وصاروا يهنئونهم ويمدحونهم، فبقيت صامتًا، ولكنني بعد ذلك تكلمت وقلت لمحمود عزت: "بالنسبة لي مصر لا يمكن للإخوان وحدهم أن يقودوها، ولا يمكن للعلمانيين وحدهم أن يقودوها"، وشرحت فكرتي عن المشروع الوطني، وقلت: "يجب أن تقود مصر حكومة ائتلافية تمثل كل المصريين"، فقال: "ده يللي إحنا عايزين نعمله بالضبط (هذا ما نريد فعله تمامًا)، فلو أننا الآن نلتقي مع حزب النور فإننا نمثل الغالبية، ولكننا سنبحث عن الآخر المختلف". ولكنهم مع الأسف فعلوا عكس ذلك.
طبعًا علينا أن نؤكد، لأن هذا التساؤل سمعته أكثر من مرة بالنسبة لدور المركز العربي أو دور قطر في هذه المرحلة، بدون شك أنت ذاهب إلى دولة [تقوم بدور] الميسّر، ولديها اهتمام أن يتحقق شيء للسوريين، ولكن خلال اللقاء والخلافات والتباينات والتوافقات بصراحة لم يتدخل أحد، والخلاف كان بين السوريين، ونحن الذين توافقنا على الائتلاف السياسي. بمعنى أن وجهة نظر الدكتور عزمي عندما طرح مجرد مقترح أن تكون القيادة مؤلفة من 15 شخصًا، لم يكن شيئًا مرسومًا بمعنى "تعالوا ووافقوا"، ونحن اعترضنا، وأنا كنت من أشد المعترضين، وحتى إنني أذكر أن الدكتور عزمي عندما كان يرى الوضع بهذا الشكل، كان [يقول]: "المسألة متروكة لكم في نهاية المطاف، ولكن هذا لصالحكم". على كل حال نحن الذين اخترنا، وبعد أن حدث التوافق على الائتلاف نحن تركنا الاجتماع. بعد ذلك: ما الذي حدث في الاجتماع، ومتى سيصدرون بيانًا، وماذا سيشكلون، تلك التفصيلات ليست لدي؛ لأننا تركنا ورجعنا، حيث رجعت إلى السويد وليس إلى إسطنبول، ولكننا بقينا على تواصل مع الإخوة.
بعد فترة قصيرة تواصلوا معنا، بعد عدة أيام، فلم تكن الفترة طويلة، [وقالوا] إنَّ الائتلاف لم ينجح وهناك تباين بينهم؛ ولذلك ستُعقد جلسة لتشكيل المجلس الوطني السوري. وفي تلك الأثناء نحن كنا معلنين عن الأسماء، فإذا عدتم إلى الأرشيف تجدون أننا قرأنا أسماء الذين كانوا موجودين، ولكننا كنا نقول دائمًا، وأنا كنت أكرر في لقاءاتي "إنَّ المجلس الوطني السوري مشروع وطني غير ناجز، وهو مفتوح على الجميع"، بمعنى أننا لم نكن قد أغلقنا الباب.هذا مشروع يضم الجميع، ولكن ليست لدينا تجربة، والمسألة الأساسية أن أحزابًا قوية قادرة على أن تفرض هيبتها ولها مصداقية وقواعد شعبية قوية وقادرة على أن تضع الخط السياسي، لم تكن موجودة بكل أسف، وتلك هي الإشكالية التي حسبنا لها حسابًا وكنا نخاف منها، وفي نهاية المطاف واجهناها؛ لأنها كانت موجودة. أما لو كانت [مجرد] شخصيات، فما هي المعايير؟ وكيف ستقنع مثلًا إذا كان لديك 50 شخصية، بينما إذا كان لديك طرفان أو ثلاثة أطراف سياسية فإن عملية التفاهم تكون أسهل.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/03/24
الموضوع الرئیس
الحراك الكردي في سوريةالحراك السياسي في بداية الثورةكود الشهادة
SMI/OH/88-03/
رقم المقطع
03
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011
شخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
حزب العمال الكردستاني
المجلس الوطني السوري

مجموعة الـ74 - الكتلة الوطنية المؤسسة
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي
حزب آزادي الكردي - مصطفى أوسو
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي - يكيتي – محي الدين شيخ آلي

اتحاد تنسيقيات الكرد
البرلمان العربي - جامعة الدول العربية
إئتلاف آفاهي للثورة السورية
إئتلاف شباب سوا