رئاسة عبد الباسط سيدا للمجلس الوطني، وقضية العسكرة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:15:46
لم أكن أتصور في يوم من الأيام أن أكون رئيس المجلس، ولكن الإخوة بين بعضهم على ما يبدو توصلوا إلى حل وسط بأنهم لا يريدون أن يكون البديل من إعلان دمشق، ورشحوا اسمي حينها، وعلى ما يبدو حصل توافق عليه. أنا شخصيًا لم أكن مستعدًا لهذا الموقف والخيار، ولدي أسرة وعائلة ويجب أن ألتزم، ومع ذلك فإنني حين رأيت هناك إجماعًا، وفي الوقت نفسه هناك حاجة للموضوع حتى نتجاوز المرحلة، قبلت بالموضوع. حصل انتخابي أظن في 9 حزيران/ يونيو - إذا لم أكن مخطئًا - عام 2012 (أُعلن عن عبد الباسط سيدا رئيسًا للمجلس الوطني في 10 حزيران/ يونيو 2012 – المحرر)، واستلمت رئاسة المجلس في فترة عاصفة جدًا، فالعلاقات بين إعلان دمشق والإخوان المسلمين كانت متوترة كثيرًا. حتى بالنسبة لبرهان، وهذه من النقاط السلبية التي تُسجل بكل أسف على موقف برهان، في اجتماع من الاجتماعات التي عقدناها في الدوحة اقترحوا تغيير بسمة قضماني (عُقد الاجتماع في 26-27 تموز/ يوليو 2012 – المحرر).
لأنني حين استلمت المجلس كنت أرى أنَّ العمل العسكري هو أول شيء يجب التركيز عليه، وعدم تركه في حالة فوضى، وكنا قد التقينا برياض الأسعد ومصطفى الشيخ، ولكنني ركزت على موضوع أنني أريد أن أراهم. وعلى اعتبار أنَّني أديت الخدمة العسكرية، وكنت ضابطًا مجندًا في مدرسة المشاة في المسلمية، وفي 1979 انتهيت منها، كما أديت خدمتي العسكرية في لبنان، بمعنى أن عندي خبرة قليلة في المجال العسكري. وكنت أريد أن أراهم، وأذكر حين كنت في الجيش كانت هناك العلوم العسكرية والتكتيك، وكنت أهتم بهذا الموضوع قليلًا؛ ولذلك قررت أن أذهب إلى الجيش الحر وأراهم، بعد أن عقدنا معهم عدة اجتماعات وفشلنا.
كانت تلك ضمن الأولويات التي لم أعلن عنها، ولكنني عملت؛ لأنه في البدايات حين كان الدكتور برهان رئيس المجلس ذهبنا إلى المعسكر (المقصود مخيم الضباط في تركيا – المحرر)، والتقينا برياض الأسعد، وبعد ذلك أحضرناهم إلى إسطنبول، والتقينا معًا، وكان أيضًا مصطفى الشيخ، و[قلنا لهم] إنهم يجب أن يتوحدوا. والمشكلة التي كنا نعاني منها هي أن رياض الأسعد كان يقول: "أنا صاحب براءة اختراع الجيش الحر، وأنا القائد"، ومصطفى الشيخ تجلس معه فيقول: "أنا عميد، وهناك تراتبية عسكرية، فكيف أكون تابعًا لعقيد؟!". هذه الإشكالية عانينا منها مع الأسف، وحتى هم أنفسهم كانوا يعترفون بأنه كان من المفروض ألا يفعلوا كذلك، ولكنهم كانوا يفعلون.
كانت تلك الخلافات موجودة، وأذكر أنني ذهبت في وفد صغير وغير معلن، وكنت قد تواصلت معهم في البداية، مع رياض الأسعد، وكان لدينا اللواء عدنان سلو، وكان متقاعدًا، وجاء ودخل، وهو كان مع العمداء؛ لأن العمداء والعقداء كانوا مجموعتين، وكانوا ضد بعضهم، بكل أسف هكذا كان الوضع. ذهبنا في الموعد المحدد، وعند باب المخيم، وكان المفروض أن ندخل ولا نعرف إلى أين سندخل، رأيت رياض الأسعد موجودًا، [فقال]: "أهلًا وسهلًا يا دكتور"، وذهبنا إلى مجموعة العقداء، وكانت المجموعة حينها، لم أعد أذكر كم شخصًا كان موجودًا، ولكن 15 أو 16 عقيدًا ربما كانوا جالسين، وقسم منهم كنت قد التقيت بهم سابقًا وأعرفهم، والقسم الثاني تعرفنا عليهم. تحدثنا بخصوص العلاقة كيف ستكون، وبعد ذلك أردنا الالتقاء مع مجموعة العمداء، واتصلت بهم، فإذا بهم لا يريدون اللقاء بي، فقلت لهم: "[ما هو] السبب؟ أنا آتٍ من اسطنبول من أجلكم"، قالوا: "لا، كيف تلتقي مع العقداء في البداية؟ نحن لا نريد أن نلتقي بك". وبقيت ثلاثة أرباع الساعة تقريبًا على الهاتف، ونحن نحاور ونناور، حتى أقنعناهم بأن نلتقي مجرد لقاء، فتصور كيف كان الوضع!
التقيت مع العمداء، في ذهني كانوا 28 شخصًا في اللقاء، وتحدثنا، وكان بينهم وجهات نظر موضوعية قدموها، واللقاء كان وديًا، وفي نهاية المطاف العلاقة كانت ودية، وأظن أننا كنا على أبواب العيد أيضًا، وحتى أخذنا معنا شيئًا من العيدية، وكان شيئًا بسيطًا، ولكن مع ذلك قلنا لهم: "على اعتبار أن هناك عائلات"، فأوضاعهم كانت صعبة جدًا.
من بين الأخطاء التي حدثت أننا لم نكن نتعامل مع المخيمات كما ينبغي، وأنا أصررت على أن نبدأ بزيارة المخيمات، ونرى الأهل، فبكل أسف أثناء فترة الدكتور برهان لم يزر المخيمات، وطلبنا ذلك أكثر من مرة، وكانوا يشكلون لجانًا، ولم تتحقق هذه المسألة. وحين ذهبنا ودخلنا إلى خيمة من الخيام، وكنا وفدًا صغيرًا، وأنا لم أكن أعرف هي خيمة من، دخلنا إلى المخيم~~،~~ والمرافقة كانوا موجودين حيث نظموا كيف ندخل، ولكن من دون إعلان، فذهبنا~~،~~ وجاء الشباب، وكانت أيام رمضان، فجاؤوا ونادوا عدة شباب آخرين، وكانوا مجموعة صغيرة وليست كبيرة، وأفطرنا مع بعضنا في الخيمة.
في الشهر الفائت (سُجّلت هذه الشهادة في 25 آذار/ مارس 2022 – المحرر)) عندما كنت في الدوحة في الندوة التي عقدها الدكتور رياض حجاب، رأيت شخصًا سلّم علي، وقال: "هل تذكر حين جئت إلينا في الخيمة؟ هذه الخيمة كانت خيمتي"، من هذا الشخص؟ إنه رائد الصالح [مؤسس] منظمة الخوذ البيضاء، وأنا لم أكن أعرفه، فنحن أهلنا إذا لم نتواصل معهم، ولم نذهب إليهم، ولم نستمع لوجعهم، أنت الذي على أساس أنك تتكلم باسمهم، وشعبنا أقول دائمًا إنه طيب جدًا. أنا دخلت إلى سورية عدة مرات، وكان يُقال: هناك تشدد إسلامي، بينما حين تذهب وتجلس معهم ببساطة، وتشرب كأسًا من الشاي، وتتناقش مع الشخص، تجد أن فكره يتغير مباشرة، وأنت إذا كنت تصلي وتصوم فأهلًا وسهلًا، هذه العلاقة بينك وبين ربك، ولكن هناك شخص لا يصلي ولا يصوم، فلماذا تفرض عليه؟! طالما أن الله لم يطلب ذلك منك، وهناك أشخاص غير مسلمين. وحين تناقشه بهذا المنطق ومن غير حدية، تجد أنه طبيعي جدًا، ويثق بك.
مرة أخرى، وفي ندوة من الندوات، وكان هناك المرحوم ميشيل كيلو وبرهان، وهناك عسكر، وكان هناك شخص قادم من الداخل، وهو إسلامي، وأظن أنه مع الإخوان المسلمين، وقال إنه أمضى 20 عامًا في السجن. حين رآنا أنا وبرهان، قال: "منذ زمن وأنا أحب أن أراكم، وأحبكم"، وعندما بدأنا نتحدث، قال: "أنتم تتكلمون بشكل جيد، ولكن المصطلحات التي تستخدمونها يجب أن تغيروها"، بمعنى أن [مصطلحات] العلمانية والديمقراطية يجب أن تقولوها بطريقة أخرى حتى تقنعوا الناس، فالناس لا يحبون هذه المصطلحات. أعطوا نفس المضمون، ولكن ليس بنفس اللغة".
أقصد أن هناك الكثير من المسائل من الممكن للشخص تجاوزها، ولكن كل هذا الشيء متى يحصل؟ يحصل عندما نلتقي مع بعضنا، وعندما نتفاعل مع بعضنا، وعندما نناقش بعضنا، وإذا لم نتناقش فإلى أين سنصل؟!
حتى نكون واضحين في موضوع السلاح، نحن لم نكن نناقش الموضوع في المكتب التنفيذي [في فترة رئاسة الدكتور برهان غليون – المحرر]، وأنا شخصيًا لم يكن لدي أي اطلاع على الموضوع، ولكن كنت أخمن تخمينًا أنَّ الدكتور برهان وربما مجموعة صغيرة لديهم علاقة [بالموضوع]، وطبعًا أقدّر هذا الشيء، وعادة هذه المسائل تكون سرية ضمن نطاق محدد؛ لأنني سمعت مرة أنَّ هناك غرفة يوزعون فيها السلاح، وأنهم ربطوا بين عقاب صقر وبعض الشخصيات الأخرى. ولكن الإخوان [المسلمين] أظن أنهم كانوا على اطلاع بذلك، وفي أحد اللقاءات أذكر أنني فوجئت بعقاب صقر، حيث ذهبنا إلى اجتماع في أحد الفندق وكان عقاب صقر موجودًا، وأنا لا أعرفه شخصيًا، ولكنني أعرفه من خلال التلفزيون، حيث كنت أشاهده أحيانًا في التلفزيون اللبناني، ورأيت فاروق طيفور يسلّم عليه، فقلت له: "من أين تعرفه؟"، قال: "هو يساعدنا". وبعد ذلك فهمت من خلال مراجع أخرى أنَّ هناك على ما يبدو موضوع تسليح، ولكن في المكتب التنفيذي هذا الموضوع لم يكن يُطرح.
نحن أصبحنا في وضع مثلما قلت في البدايات، أصبح الجيش الحر أمرًا واقعًا، فنحن لم نأخذ قرارًا بأننا نريد أن نشكل جيشًا حرًا، وإنَّما الضباط كانوا ينشقون، والنظام كان يعتدي ويقصف المدن والبلدات، ويعتدي على المتظاهرين، وبطريقة من الطرق كنا نرفع شعار حماية المدنيين. وحين حصل موضوع التسليح، هناك بعض الناس على ما يبدو دخلوا [فيه]، وأنا لم أكن نهائيًا، وكنت بعيدًا عن هذا الملف، ولم يكن لدي اطلاع. وحتى نربط المسائل ببعضها، أنا عندما استلمت رئاسة المجلس كنت حريصًا على أنَّ أضبط هذا الموضوع، وأن يكون خاضعًا للسلطة السياسية، وأن يكون هناك تفاعل ونوع من التوجيه السياسي والمعنوي والأخلاقي، فالناس حين تتركهم هكذا دون أن تذهب إليهم وتتابعهم ستحصل مصائب، وكنا نسمع عن حالات خطف وحالات [طلب] فدية، وكانوا قد بدؤوا في هذا الموضوع، وأنت يجب أن تضبطه.
أذكر مرة في الائتلاف [الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية] - ولو تجاوزنا الإطار الزمني - حين تحدثوا عن الجيش الحر والفصائل، والكل كانوا موجودين، قلت لهم: "أنتم تعاملتم مع العمل العسكري بعقلية متعهدين، فأنتم تريدون أن تأتوا بالأموال من الخارج، وتعطوها للمقاتلين ليقاتلوا، بينما القضية أنَّ هناك ثورة ويجب أن تكون هناك ضوابط أخلاقية وقانونية وحقوق إنسان حتى تكون الأمور واضحة. والقرار يجب أن يكون قرارًا سياسيًا، فأي عمل عسكري في نهاية المطاف يحدث بقرار سياسي، أمَّا أن تتشكل أجسام ولا نعرف من يكونون وهناك تمويل (...)".
التمويل الذي كان يأتي لم يكن يذهب عن طريق المجلس [الوطني]، والسلاح الذي يأتي لم يكن عن طريق المجلس، فالمجلس لم يكن على اطلاع بهذا الموضوع، وهذه المسألة أظن أن الكثيرين لا يعرفونها بالضبط. [وتسليم السلاح إلى فصائل] لم يكن بقرار من المكتب التنفيذي، هذه جهود خاصة كانوا يقومون بها، وخاصة بالنسبة للجهات المحسوبة على الإخوان [المسلمين] تحديدًا، ولا أعرف إذا كان إعلان دمشق في وقت من الأوقات قد أقام أيضًا بعض التشكيلات، ولكن لا توجد قرارات من المكتب التنفيذي.
بعد أن ترك برهان طلبت منه أن نلتقي معًا، وقلت له: "دكتور برهان، أريد أن أسألك عن العمل العسكري، ماذا ستفعلون؟"، قال: "بخصوص العمل العسكري هناك جهات هي التي تدفع وهناك تمويل"، بمعنى ألا نتدخل في الموضوع كثيرًا؛ لذلك نحن لم نحضر سلاحًا، السلاح لم يكن يُسلّم بيدنا، ولا بقرارنا، وبالنسبة للأموال أيضًا لم نخصص جزءًا للجيش الحر كي نعطيه إياه.
الشيء الوحيد الذي أخذنا فيه قرارًا وساعدنا، أذكر أننا في المجلس الوطني ساعدنا مرتين، عندما جاء المرحوم الشهيد عبد القادر الصالح مرة مع مجلس حلب ومجموعة موجودة، وكان نوعًا من الدعم حينها، وكان بقرار من المجلس، قدمنا لهم حسب ما أذكر، [المبلغ]موجود ذلك في السجلات، والسجلات المالية ليست عندي على اعتبار أن المكتب المالي إلى الآن موجود، وبإمكان كل شخص أن يراجع أبو كرم - سمير نشار، وأتصور أننا حينها قدمنا حوالي 100 ألف دولار، وكان ذلك في فترتي.
والمبلغ الثاني الكبير أعطيناه عندما تشكلت المجالس العسكرية (تشكلت القيادة المشتركة للمجالس العسكرية الثورية في سورية في 28 أيلول/ سبتمبر 2012 – المحرر)، وذهبنا إلى منطقة أطمة، وكانوا قد طلبوا [الدعم] في المجالس العسكرية كنوع من تنظيم العمل حتى يكون العمل مضبوطًا، وطلبوا مبلغًا لم يكن كبيرًا، ولكننا قررنا في المكتب التنفيذي ودفعنا لهم مليون دولار، وأخذناهم معنا كاش (نقدًا)، وسلمناهم للمجلس العسكري الذي كان يشرف على المجالس العسكرية في المحافظات. وكان مبلغًا رسميًا قدمناه في سبيل أن يكون العمل العسكري قريبًا من المجلس وتابعًا للمجلس، والعلاقة كانت جيدة حينها بيننا وبينهم، أما الفصائل الأخرى بعد أن تشكلت أصبحت عملية فوضى.
[سابقًا] بالنسبة لبابا عمرو والمناطق الأخرى التي كان يحدث فيها مجازر، فإننا كنا نحاول أن نساعد وندعم ونعلنها مناطق منكوبة، والمبالغ التي كانت موجودة كنا نحاول أن نساعد [عبرها] ضمن حدود الإمكان، وكنا نشدد على الإغاثة، ولا نشتري أسلحة ونرسلها، لم نقم بذلك.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/03/25
الموضوع الرئیس
الحراك الكردي في سوريةالحراك السياسي في بداية الثورةكود الشهادة
SMI/OH/88-06/
رقم المقطع
06
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2012
شخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
الجيش السوري الحر